شمس الشموس
  الشيخ احمد كفتارو
 


 

بسم الله الرحمن الرحيم

المفتي الشيخ أحمد بن أمين كفتارو ـ رحمه الله تعالى


مولانا الشيخ ناظم الحقاني قدس سره

1أيار 2011


مولانا الشيخ ناظم: "كتاب متن ألفية الإمام مالك في النحو والصرف، كتاب صعب للغاية .. قرأت هذا الكتاب قبل سبعين سنة".

أحد الضيوف: "ما شاء الله!"

مولانا الشيخ ناظم: "كنت آنذاك في العشرين من عمري".

أحد الضيوف: "نحن كنا ندرّس فقه الإمام الشافعي".

مولانا الشيخ ناظم: "أنا درست فقه الإمام أبو حنيفة".

أحد الضيوف: "ولكنك شافعي المذهب!"

مولانا الشيخ ناظم: ".. وكذلك درسنا تفسير الجلالين. لماذا سمي هذا الكتاب بتفسير الجلالين؟ هل تعرفون؟"

أحد الضيوف: "لأن الكتاب ألفه اثنان، اسم كل واحد منهما جلال الدين؛ (جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي)".

مولانا الشيخ ناظم: "نعم أحدهما بدأ بكتابته وختمه الآخر. وهذا أسهل تفسير للقرآن الكريم، لطلاب العلم والتلاميذ .. سبحان الله العلي العظيم! .. في عصرنا لم يبق من يفهم لا تفسير الجلالين ولا تفسير الخازن، الذي هو الآخر تفسير جيد".

أحد الضيوف يعطيه كتباً، ومولانا يقرأ عنوان إحدى الكتب، "الآداب المرضية في الطريقة النقشبندية"، للمؤلف عبد الرحمن غازي الغموقي، ويتصفح الكتاب. ثم يناوله كتاباً من تأليف مولانا الشيخ ناظم "محيطات الرحمة" تم ترجمتها إلى اللغة الروسية. وفيه صورة مولانا الشيخ الأكبر عبد الله الفائز الداغستاني، قدس الله سره، فقام مولانا الشيخ ناظم قدس الله سره بتقبيل الصورة ووضعه على رأسه تعبيراً لحبه وولائه له.

أحد الضيوف: "كذلك يوجد كتب أخرى تترجم حالياً".

ثم ناوله كتباً أخرى .. مولانا الشيخ ناظم فتح مصحفاً أهداه إياه أحدهم، وأشار بيده في آخر المصحف على علامة من علامات ضبط القراءة، فطلب من الضيف أن يقرأه.

الضيف: "ميم تفيد لزوم الوقف".

مولانا الشيخ ناظم: "أنظر الآن ماذا فعل هؤلاء الوهابيون الكلاب!" .. مولانا يرجع إلى بداية المصحف الشريف ويفتح على سورة الفاتحة. ثم يأخذ مصحفاً عثمانياً من مكتبته ويطابقه بالمصحف الثاني. ويقول "هؤلاء أزاحوا علامات ضبط قراءة القرآن الكريم .. أنظر هنا في آخر الآية الأولى من سورة الفاتحة (في المصحف العثماني) وضع علامة ’لا‘، وفي ذلك المصحف (الطبعة الوهابية) تم إزالتها" .. مولانا يقارن بين المصحفين ويريهما للضيوف. ثم يقول، "هذه العلامة، ’لا‘ معناها لا يجوز الوقف. ولكنهم أزالوها في هذا المصحف ليقرأوا هكذا، (يقرأون آخر الآية بالتسكين) ’بسم الله الرحمن الرحيمْ. الحمد لله رب العالمينْ. الرحمن الرحيمْ. مالك يوم الدينْ‘ .. لا يجوز قراءة أوائل الفاتحة هكذا، بالوقف عند آخر كل آية.

الضيف: "إذن تقرأ هكذا،) ’بسم الله الرحمن الرحيمِ الحمد لله رب العالمينَ الرحمن الرحيمِ مالك يوم الدينْ‘، (مع لفظ الحركة في آخر الآية)".

مولانا الشيخ ناظم: "ولكن هنا، (في الطبعة الوهابية) تقرأ بالوقف عند آخر كل آية. وهذا لا يجوز!" .. مولانا الشيخ يقبل مصحفه ثم يرجعه إلى محله. ويفتح المصحف الثاني (الذي أهدي له) على علامات ضبط القراءة ..

الضيف يقرأ: "’الميم‘ تفيد لزوم الوقف. ’لا‘ تفيد النهي عن الوقف.

مولانا الشيخ ناظم: "هل فهمتم؟"

الضيوف: "فهمنا سيدي".

مولانا الشيخ ناظم: "هؤلاء الوهابية شياطين، ألغوا كِلا العلامتين"

الضيف: "ولكن تم طبعه في دمشق".

مولانا الشيخ ناظم: "نعم طبع في دمشق ..". أخذ مصحفه ثانية وأرى لضيفه، على أول صفحة من المصحف مكتوب، ’حافظ عثمان‘، أي رسم عثماني .. "الناس غافلون عن هذا الأمر. لقد قاموا بإزالة علامات ضبط القراءة، لأن مذهبهم مذهب باطل .. فرقة ضالة! .. جهنميون!" ... مولانا يقوم بتصفح المصحف الشريف الذي أهدي له .. "وهذا المصحف من مفتي سوريا، الشيخ أحمد كفتارو، وقد انتقل إلى رحمته تعالى" ..

الضيف: "نعم الشيخ أحمد كفتارو".

مولانا الشيخ ناظم: "الشيخ أحمد كفتارو كان يعرفني منذ سنة 1944. وكان يعظ الناس قبل صلاة الجمعة. وكنت كلما ذهبت إلى المسجد وهو يعظ بالناس، كان يتوقف عن الكلام عندما يراني، ويسلم علي. ثم كان يقول للناس بعدما ينتهي من الوعظ، "الشيخ ناظم هنا، فليق كلمات للحاضرين"، وكان يصر عليّ أن ألقي كلمة للحاضرين. وكنت أرد عليه قائلاً، "أنت شيخنا، أنت كفاية. فماذا عساي أقدم لهم بعدما قدمت أنت الخروف المحشي؟ خبز وزيت؟" كان يرد علي ويقول، "لا يهم. خبز وزيت، أحياناً هذا ما يحتاجه الناس". وكنت ألقي كلمات .. هل تدرون أنه كان يزور مولانا الشيخ؟"

الضيف: "مولانا الشيخ عبد الله الداغستاني، قدس سره؟"

مولانا الشيخ ناظم: "نعم، كان يزوره بعد صلاة الفجر. وكان يسكن في جهة منطقة ركن الدين في دمشق. حارة محي الدين هنا وحارة ركن الدين في رأس الشارع. وكان عنده جامعاً ومدرسة، ماذا يسمى مدرسته؟

الضيف: "أبو النور".

مولانا الشيخ ناظم: "كان يأتي لزيارة مولانا الشيخ بعد صلاة الفجر. وكان يأتي بسيارته، وكان يسوق السيارة بنفسه".

الضيف: "كان هو يسوق السيارة ..".

مولانا الشيخ ناظم: "الحمد لله أنا لا أسوق .. وكان يأتي إلى الشيخ بمفرده ..

والشيخ عبد الله الفائز الداغستاني كيكوني (أي من قرية كيكون) أبو القبل عبد الله. وكان الشيخ عبد الله قدس سره يتيماً ..

حكى لي شيخي وسيدي ومولاي وهو شيخك أيضاً. لمدة 39 سنة، كان الشيخ أحمد كفتارو يأتي إلى بيت مولانا الشيخ، بعد صلاة الفجر ليستمع إلى صحبته. في أحد الأيام قال لي مولانا الشيخ عبد الله، أعلى الله درجاته ونفعنا ببركاته، "ناظم أفندي، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لي، "يا شيخ عبد الله، هذا ليس وقت فتح الشيخ أحمد، فاجعله يبعد قليلاً".

وفي ذلك الصباح أتى الشيخ أحمد كفتارو، ليستمع إلى صحبة مولانا الشيخ، كعادته. فجلس واستمع إليه. وتحدث مولانا الشيخ عن أصول الطريقة، ثم قال، "يا شيخ أحمد! من شيخك؟" فرد عليه، "يا سيدي، شيخي والدي؛ أمين كفتارو". ثم سأله، "من أذن لك بالمشيخة؟ وممن تتلقى عندما تجلس لإلقاء الوعظ؟" فقال، "والدي كما تعرفون انتقل إلى رحمة الله". قال، "رحمة الله عليه. ولكن هل يتم الاتصال بينك وبينه، لتتلقى العلوم منه، وقت تجلس لتعظ بالناس، أم أنك تحدث الناس من عند نفسك؟" فقال، "يا سيدي، إنما أعظ الناس من الكتب. أراجع بعض الكتب ثم أقوم بإلقاء الوعظ". فقال له، "يا ولدي، المأذون الذي يجلس ليعظ بالناس يجب أن يكون متصلاً بشيخه، أما أنت فمنفصل عن شيخك، وانقطع الوصل بينك وبين شيخك. لذلك أنت تحتاج إلى من يوصلك إلى شيخك. معنى الكلام، لا تدّعي أنك شيخ، فأمامك طريق طويل، حتى تكون من الواصلين. ومعنى الواصل أنه يعيش بين الناس في الظاهر ولكنه موصول مع أهل البرزخ". قال مولانا الشيخ الأكبر قدس سره، "قلت له ما قلت، فانقطع عنا من بعد ذلك". ولكنه لم ينفك عن تعظيم واحترام مولانا الشيخ وزيارته أحياناً. وكان مولانا الشيخ يزوره أحياناً. وكنت أرافقه عندما يقوم بزيارته. فهمتم؟

الضيف: "فهمت .. فهمت".


مولانا الشيخ ناظم ينظر في المصحف الشريف الذي أهدي له، ثم يقول: "اسمه مكتوب هنا". ثم يقرأ: "سماحة المفتي العام للجمهورية السورية الشيخ أحمد كفتارو .. لا إله إلا الله! .. (جلس مولانا برهة من الزمن وهو مطأطئ الرأس) .. من غشنا فليس منا! .. هذا غاشٍ. قاموا بالغش .. اللهم املأ قلوبنا بنور معرفتك يا الله! اللهم اجعل لنا من لدنك ولياً! اللهم اجعل لنا من لدنك سلطاناً نصيراً، واكتب الصحة والسلامة والعفو والعافية للحاضرين، سهل أمورهم، يسر سفرهم، فاقبل معذرتنا ومعذرتهم، اجعلنا مع صاحب الزمان، بخدمة نبي آخر الزمان، ولك الحمد أولاً وآخراً، وصلاة الله وسلامه على أشرف الخلق، سيد الأولين والآخرين حضرة الرسول، سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، اجمعنا تحت لوائه في الدنيا وفي الآخرة. أدركنا يا الله عهد المهدي عليه السلام، أن نكون في خدمة شرع الله المتين، بجاه من أنزلت عليه سورة الفاتحة.


 
  3014346 visitors