شمس الشموس
  23.10.2011
 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

من أحبه الله

سلطان الأولياء مولانا الشيخ ناظم الحقاني قدس سره

 

23 أكتوبر 2011

جعلنا الله وإياكم في حرزه وحفظه وأمانه وكنفه في الدنيا وفي الآخرة.

أحد الضيوف: "آمين .. تحت أقدامكم سيدي، إن شاء الله!"

مولانا: "نعوذ بالله من سوء العاقبة .. أنظروا كيف كان عاقبة الرجل (المقصود به هو القذافي) بعد 42 من الحكم! الله .. الله .. فعلوا به ما لم يفعله أي شعب برئيسه .. يا لطيف .. يا لطيف .. يا لطيف .. حكم شعبه 42 سنة كما يشاء، ولكن حكم الله فوق كل شيء. رفع رأسه زيادة فخُفض وقُطّع تقطيعاً. نعوذ بالله! أمان يا ربي .. نعوذ بالله من سوء العاقبة! أن تكون عبداً ضعيفاً خير من طلب العلالي .. على العبد أن يرضى بأدنى المراتب .. ’أسفل أأمن‘ .."

الضيف: "آمنا وصدقنا يا مولانا".

مولانا: "الكبر عاقبته السوء، والمتكبر سيصلى سعيراً. نعوذ بالله! .. نعوذ بالله! .. آسف آسف .. أشعر بالأسف الشديد لما فعله بشعبه، وكما أشعر بالأسف أيضاً بما فعل به شعبه .. أشعر بالأسى لأجل الطرفين ..

 

قيل بأنه كان يملك 250 بليون دولار. ولكن ذلك القدر من المال لم ينفعه ولم ينجه من الهلاك. فكروا بذلك أيها الرؤساء! اعملوا الصالحات، كي يحبكم الله سبحانه وتعالى. فيأمر جبريل عليه السلام بأن يجعل محبتكم في قلوب الناس. وإلا العكس بالعكس

 

روى الترمذي من حديث سعد وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، "إذا أحب الله عبداً نادى جبريل أني قد أحببت فلاناً فأحبه قال فينادي في السماء ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض فذلك قوله تعالى: {سَيَجْعَلُ لَهُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}. وإذا أبغض الله عبداً نادى جبريل إني قد أبغضت فلاناً فينادي في السماء ثم تنزل له البغضاء في الأرض".

 

لذلك من المهم جداً أن يسعى رؤساء الشعوب والأمم في جعل محبتهم في قلوب الناس. وذلك بالحرص على اكتساب محبة الله جل وعلا. وإذا نال العبد محبة الله جل وعلا توضع تلك المحبة بين الخلائق؛ ينادي بها جبريل عليه السلام، أن الله جل وعلا أحب العبد الفلاني فأحبوه، ويوضع محبته في قلوب العباد. والعكس بالعكس؛ إذا أبغض الله جل وعلا العبد الفلاني فإن الله جل وعلا ينادي جبريل ويقول له أني قد أبغضت فلاناً فأبغضوه، ويوضع بغضه في قلوب شعبه وفي قلوب العباد على وجه الأرض، فيكرهونه ويسبونه ويعادونه ويطردونه من بينهم.

 

رؤساء هذا العصر لم يعودوا يفكرون في مثل هذه الأمور. فلو أنهم كانوا يفكرون لأمكنهم اتخاذ كل الوسائل التي تدخل محبتهم في قلوب شعوبهم. لأن محبتهم لهم هي التي تنفعهم وليست تلك الأموال التي ادخروها في البنوك. ولو أن ذلك الرجل (القذافي) أنفق تلك البلايين من الدولارات على شعبه بدلاً من أن يدخره في البنوك، لحمله شعبه فوق الأعناق. ولكن الشيطان للإنسان عدو مبين. والله سبحانه وتعالى يحذرنا من اتباعه ويقول، {وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}، (البقرة:168). ولكن الناس لا يتعظون، بل يتبعون خطوات الشيطان .."وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ"! .. أنظروا إلى حاله كيف أصبح! .. أصبح مهاناً في الدنيا وفي البرزخ ويوم القيامة.

 

لا بد للإنسان أن يكون له ناصح ينتفع بنصحه. فالمؤمن مرآة للمؤمن. ينظر ويرى فيه نفسه.

 

فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن مرآة المؤمن والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوفه من ورائه". (البخاري وأبو داود).

 

 فالمرء لا يمكنه، إذا نظر على الجدران أن يرى نفسه فيها، أما إذا علق مرآة فيمكنه أن يرى فيها نفسه. هذا أمر مهم، شيخ مصطفى!"

الضيف: "آمنا وصدقنا".

مولانا: "الله لا يبتلينا! .. يجب أن يكون هناك تربية. التربية ضرورية جداً للإنسان، ووجود المربي ضروري للعباد. والطالب، عليه أن يتحلى بالأدب. وبالأدب تنال أعلى المراتب. وهو أن تحفظ الأدب مع الله جل وعلا والأدب مع عباد الله ومع جميع المخلوقات. وحتى مع النملة، يجب أن تحفظ الأدب، تعظيماً لخالقها جل وعلا. ولكن الشيطان، عليه ما يستحق، شأنه تضليل الناس وحملهم على الطغيان على خالقهم وربهم جل وعلا. وخلاصة تعليم الشيطان للناس يختصر على مخالفة أمر ربهم. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! .. اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك! توبة يا ربي .. توبة يا ربي .. توبة أستغفر الله .. أمان يا ربي ..

 

ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ..‘ بطرفة عين يهلك الإنسان. لم يبق في هذا العصر مرشدون حقيقيون يرشدون الناس إلى الصواب .. لم يبق! والأولياء اختفوا. فأولياء الله سبحانه وتعالى كانوا يرشدون العباد ويعلمونهم الحفاظ على أدب العبودية مع الله جل وعلا. الله أكبر ولله الحمد! .. أهلاً وسهلاً!"

الضيف: "أهلاً بكم يا مولانا .."

مولانا: "إني أخاف على نفسي من الطغيان. فكل إنسان يهلك بلحظة إن اتبع نفسه. بطرفة عين يمكنه أن يهلك .. اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك! توبة يا ربي .. توبة، أستغفر الله. الفاتحة.

 

اسمعوا وعوا فإذا وعيتم فانتفعوا! اسمعوا وعوا أيها الناس! اسمعوا جميعاً الآية الكريمة التي أنزلت على رسول الثقلين، صلى الله عليه وسلم، {وَلاَ تَطْغَوْا}، (هود:112). والطغيان طغيان النفس. والآية الكريمة جاءت في صيغة الأمر. ومن اتبع هوى نفسه أصبح طاغية وطاغوتاً. والطاغوت من مشتقات الطغيان. أمان يا ربي .. أمان يا ربي .. أمان يا ربي!

 

أصبحنا في آخر الزمان، يا شيخ مصطفى! .. نعوذ بالله .. نعوذ بالله .. أستغفر الله .. أستغفر الله .. أستغفر الله .. {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولي الأبصار}، فاعتبروا؛ أي خذوا العبرة بكل ما يحدث في هذه الدنيا. اعتبروا بما يقع على رؤوس العباد بسبب اتباعهم للشيطان! .. {وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}. الناس جميعاً تركوا ما جاء من عند الأنبياء عليهم السلام وبالخصوص، سيد الأولين والآخرين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، واتبعوا خطوات الشيطان. الفاتحة.

 

الحمد لله .. يا ربي شكر .. يا ربي شكر .. يا ربي شكر .. (مولانا يدعو بعدما انتهوا من الطعام) بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيداً، كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. نعمة جليل الله، بركة خليل الله، الشفاعة يا رسول الله. اللهم ارزقنا اتباع عبادك الصالحين. اللهم أكرم وأنعم صاحب هذا الطعام وآكليه. اللهم اجعل ما أكلناه وما شربناه قوة لأبداننا ونوراً لقلوبنا وشفاء لصدورنا، زيادة لشرف النبي وآله وصحبه الفاتحة.

 


 

 
  3014065 visitors