شمس الشموس
  البردة الشريفة
 

بِسْمِ اللِّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
البردة الشريفة للبوصيري


مَوْلاَيَ صَلِّ وَسَلِّمْ دَائِماً أَبَداً عَلَى حَبِيبِكَ خَيْرِ الْخَْلقِ كُلِّهِمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ مُنْشِي الْخَلْقِ مِنْ عَدَمٍ
أَمِنْ تَذَكُّرِ جِيرَانٍ بِذِي سَلَمٍ
أَمْ هَبَّتِ الرِّيحُ مِنْ تِلْقَاءِ كَاظِمَةٍ
فَمَا لِعَيْنَيْكَ إِنْ قُلْتَ أَكْفُفَا هَمَتَا
أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أَنَّ الْحُبَّ مُنْكَتِمٌ
لَوْلاَ الْهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَلٍ
فَكَيْفَ تُنْكِرُ حُبًّا بَعْدَ مَا شَهِدَتْ
وَاَثْبَتَ الْوَجْدُ خَطَّى عَبْرَةٍ وَضَنًى
نَعَمْ سَرَى طَيْفُ مَنْ اَهْوَى فَارَّقَنِي
يَا لاَئِمِي فِي الْهَوَى الْعُذْرِي مَعْذِرَةً
عَدَتْكَ حَالِيَ لاَ سِرِّي بِمُسْتَتِرٍ
مَحْضَتَنِي النُّصْحَ لَكِنْ لَسْتُ اسْمَعُهُ
اِنِّي اتَّهَمْتُ نَصِيحَ الشَّيْبِ فِي عَذَلِي
فَاِنَّ اَمَّارَتِي بِالسُّوءِ م‘ا اتَّعَظَتْ
وَلاَ اَعَدَّتْ مِنَ الْفِعْلِ الْجَمِيلِ قِرَى
لَوْ كُنْتُ اَعْلَمُ اَنٍّي مَا اُوَقِّرُهُ
مَنْ لِي بَرَدِّ جِمَاحٍ مِنْ غَوَايَتِهَا
فَلاَ تَرُمْ بِالْمَعَاصِي كَسْرَ شَهْوَاتِهَا
وَالنَّفْسُ كَالطِّفْلِ اِنْ تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلَى
فَاصْرِفْ هَوَاهَا وَحَاذِرْ اَنْ تُوَلِّيَهُ
وَرَاعِهَا وَهِيَ فِي الأَعْمَالِ سَائِمَةٌ
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةً لِلْمَرْءِ قَاتِلَةً
وَاخْشَ الدِّسَائِسَ مِنْ جُوعٍ وَمِنْ شِبَعٍ
وَاسْتَفْرِغِ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قَدِ امْتَلأَتْ
وَخَالِفِ النَّفْسَ وَالشَّيْطَانَ وَاعْصِهِمَا
وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمَا خَصْماً وَلاَ حَكَماً
اَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ
اَمَرْتُكَ الْخَيْرَ لَكِنْ مَا ائْتَمَرْتُ بِهِ
وَلاَ تَزَوَّدْتُ قَبْلَ الْمَوْتِ نَافِلَةً
ظَلَمْتُ سُنَّةَ مَنْ اَحْيَى الظَّلاَمَ اِلَى
وَشَدَّ مِنْ سَغَبٍ اَحْشَاءَهُ وَطَوَى
وَرَاودَتْهُ الْجِبَالُ الشُّمُّ مِنْ ذَهَبٍ
وَاَكَّدَتْ زُهْدَهُ فِيهَا ضَرُورَتُهُ
وَكَيْفَ تَدَعُو اِلَى الدُّنْيَا ضَرُورَةُ مَنْ
مُحَمَّدٌ سَيِّدُ الْكوْنَيْنِ وَالثَّقَلَيْنِ
نَبِيُّنَا الآمِرُ النَّاهِي فَلاَ اَحَدٌ
هُوَ الْحَبِيبُ الَّذِي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ
دَعَا اِلَى اللَّهِ فَالْمُسْتَمْسِكُونَ بِهِ
فَاقَ النَّبِيِّيِينَ فِي خَلْقِ وَفِي خُلُقٍ
وَكُلِّهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ مُلْتَمِسٌ
وَوَاقِفُونَ لَدَيْهِ عِنْدَ حَدِّهِمِ
فَهْوَ الَّذِي تَمَّ مَعْنَاهُ وَصُورَتُهُ
مُنَزَّهٌ عَنْ شَرِيكٍ فِي مَحَاسِنِهِ
دَعْ مَا ادَّعَنْهُ النَّصَارَى فِي نَبِيِّهِمِ
فَانْسُبْ إِلَى ذَاتِهِ مَا شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ
فَإِنَّ فَضْلَ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَ لَهُ
لَوْ نَاسَبَتْ قَدْرَهُ آيَاتُهُ عِظَماً
لَمْ يَمْتَحِنَّا بِمَا تَعْيَ الْعُقُولُ بِهِ
اَعْيَ الْوَرَى فَهْمُ مَعْنَاهُ فَلَيْسَ يُرَى
كَالشَّمْسِ تَظْهَرُ لِلْعَيْنَيْنِ مِنْ بُعُدٍ
وَكَيْفَ يُدْرِكُ فِي الدِّنْيَا حَقِيقَتَهُ
فَمَبْلَغُ الْعِلْمِ فِيهِ أَنَّهُ بَشَرٌ
وَكُلُّ أَيٍ أَتَى الرُّسْلُ الْكِرَامُ بِهَا
فَإِنَّهُ شَمْسُ فَضْلٍ هُمْ كَوَاكِبُهَا
اَكْرِمْ بِخَلْقِ نَبِيٍّ زَانَهُ خُلُقٌ
كَالزَّهْرِ فِي تَرَفٍ وَالْبَدْرِ فِي شَرَفٍ
كَأَنَّهُ وَهْوَ فَرْدٌ مِنْ جَلاَلَتِهِ
كَأَنَّمَا اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ فِي صَدَفٍ
لاَ طِيبَ يَعْدِلُ تُرْباً ضَمَّ أَعْظُمَهُ
أَبَانَ مَوْلِدُهُ عَنْ طِيبِ عُنْصُرِهِ
يَوْمٌ تَفَرَّسَ فِيهِ الْفُرْسُ أنَّهُمُ
وَبَاتَ إِيوَانُ كِسْرَى وَهْوَ مُنْصَدِعٌ
وَالنَّارُ خَامِدَةُ الأَنْفَاسِ مِنْ اَسَفٍ
وَسَاءَ سَاوَةَ أَنْ غَاضَتْ بُحَيْرَتُهَا
كَأَنَّ بِالنَّارِ مَا بِالْمَاءِ مِنْ بَلَلٍ
وَالْجِنُّ تَهْتِفُ وَالأَنْوَارُ سَاطِعَةٌ
عَمُوا وَصَمُّوا فَاعِلاَنُ الْبَشَائِرِ لَمْ
مِنْ بَعْدِمَا اَخْبَرَ الأَقْوَامَ كَاهِنُهُمْ
وَبَعْدَمَا عَايَنُوا فِي الأُفْقِ مِنْ شُهُبٍ
حَتَّى غَدَا عَنْ طَرِيقِ الْوَحْيِ مُنْهَزِمٌ
كَأَنَّهُمْ هَرَباً أَبْطَالُ أَبْرَهَةٍ
نَبْذاً بِهِ بَعْدَ تَسْبِيحٍ بِبَطْنِهِمَا
جَاءَتْ لِدَعْوَتِهِ الأَشْجَارُ سَاجِدَةً
كَأَنَّمَا سَطَرَتْ سَطْراً لِمَا كَتَبَتْ
مِثْلُ الْغَمَامَةِ أَنَّى سَارَ سَائِرَةً
أَقْسَمْتُ بْالْقَمَرِ الْمُنْشَقِّ إِنَّ لَهُ
وَمَا حَوَى الْغَارُ مِنْ خَيْرٍ وَمِنْ كَرَمٍ
فَالصِّدْقُ فِي الْغَارِ وَالصِّدِّيقُ لَمْ يَرِمَا
ظَنُّوا الْحَمَامَ وَظَنُّوا الْعَنْكَبُوتَ عَلَى
وِقَايَةُ اللَّهِ أَغْنَتْ عَنْ مُضَاعَفَةٍ
مَا سَامَنِي الدَّهْرُ ضَيْماً وَاسْتَجَرْتُ بِهِ
وَلاَ الْتَمَسْتُ غِنَى الدَّارَيْنِ مِنْ يَدِهِ
لاَ تُنْكِرِ الْوَحْيِ مِنْ رُؤْيَاهُ إِنَّ لَهُ
وَذَاكَ حِينَ بُلُوغٍ مِنْ نُبُوَّتِهِ
تَبَارَكَ اللَّهُ مَا وَحْيٌ يِمُكْتَسَبٍ
كَمْ أَبْرَأَتْ وَصَباً بِاللَّمْسِ رَاحَتُهُ
وَأَحْيَتِ السَّنَةَ الشَّهْبَاءَ دَعَوْتُهُ
بِعَارِضِ جَاداً وَخِلْتَ البِطَاحَ بِهَا
دَعْنِي وَوَصْفِيَ آيَاتٍ لَهُ ظَهَرَتْ
فَالدُّرُّ يَزْدَادُ حُسْناً وَهُوَ مُنْتَظِمٌ
فَمَا تَطَاوُلُ آمَالِ الْمَدِيحِ إِلَى
آيَاتُ حَقٍّ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثَةٌ
لَمْ تَقْتَرِنْ بِزَمَانٍ وَهْيَ تُحْبِرُنَا
دَامَتْ لَدَيْنَا فَفَاقَتْ كُلَّ مُعْجِزَةٍ
مُحَكَّمَاتٌ فَمَا تُبْقِينَ مِنْ شُبَهٍ
مَا حُورِبَتْ قَطِّ إِلاَّ عَادَ مِنْ حَرَبٍ
رَدَّتْ بَلاَغَتُهَا دَعْوَى مُعَارِضِهَا
لَهَا مَعَانٍ كَمَوْجِ الْبَحْرِ فِي مَدَدٍ
فَمَا تُعَدِّ وَلاَ تُحْصَى عَجَائِبُهَا
قَرَّتْ بِهَا عَيْنُ قَارِيهَا فَقُلْتُ لَهُ
إِنْ تَتْلُهَا خِيفَةً مِنْ حَرِّ نَارِ لَظَى
كَأَنَّهَا الْحَوْضُ تَبْيَضِّ الْوُجُوهُ بِهِ
وَكَالصِّرَاطِ وَكَالْمِيزَانِ مَعْدِلَةً
لاَ تَعْجَبَنْ لِحَسُودٍ رَاحَ يُنْكِرُهَا
قَدْ تُنْكِرُ الْعَيْنُ ضَوْءَ الشَّمْسَ مِنْ رَمَدٍ
يَا خَيْرَ مَنْ يَمَّمَ الْعَافُونَ سَاحَتَهُ
وَمَنْ هُوَ الآيَةُ الْكُبْرَى لِمُعْتَبِرٍ
سَرَيْتَ مِنْ حَرَمٍ لَيْلاً إِلَى حَرَمٍ
وَبِتَّ تَرْقَى إِلَى أَنْ نِلْتَ مَنْزِلَةً
وَقَدَّمَتْكَ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ بِهَا
وَأَنْتَ تَخْتَرِقُ السَّبْعَ الطِّبَاقَ بِهِمْ
حَتَّى إِذَا لَمْ تَدَعْ شَاْواً لِمُسْتَبِقٍ
خَفَضْتَ كُلَّ مَقَامٍ بِالإِضَافَةِ إِذْ
كَيْمَا تَفُوزَ بِوَصْلٍ أَيِّ مُسْتَتِرٍ
فَحُزْتَ كُلَّ فَخَارٍ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ
وَجَلَّ مِقْدَارُ مَا وُلِّيَتِ مِنْ رُتَبٍ
بُشْرَى لَنَا مَعْشَرَ الإِسْلاَمِ إِنَّ لَنَا
لَمَّا دَعَى اللَّهُ دَاعِينَا لِطَاعَتِهِ
رَاعَتْ قُلُوبَ الْعِدَى أَنْبَاءُ بِعْثَتِهِ
مَا زَالَ يَلْقَاهُمُ فِي كُلِّ مُعْتَرِكٍ
وَدُّ الْفِرَارَ فَكَادُوا يَغْبِطُونَ بِهِ
تَمْضِي اللَّيَالِيَ وَلاَ يَدْرُونَ عِدَّتَهَا
كَأَنَّمَا الْدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ سَاحَتَهُمْ
يَجُزُّ بَحْرَ خَمِيسٍ فَوْقَ سَابِحَةٍ
مِنْ كُلِّ مُنْتَدِبٍ لِلَّهِ مُحْتَسِبٍ
حَتَّى غَدَتْ مِلَّةُ الإِسْلاَمِ وَهْيَ بِهِمْ
مَكْفُولَةً أَبَداً مِنْهُمْ بِخَيْرِ أَبٍ
هُمُ الْجِبَالُ فَسَلْ عَنْهُمْ مُصَادِمَهُمْ
وَسَلْ حُنَيْناً وَسَلْ بَدْراً وَسَلْ أُحُداً
الْمُصْدِرِي الْبِيضِ حُمْراً بَعْدَمَا وَرَدَتْ
وَالْكَاتِبِينَ بِسُمْرِ الْخَطِّ مَا تَرَكَتْ
شَاكِي السِّلاَحِ لَهُمْ سِيمَا تُمَيِّزُهُمْ
تُهْدِي إِلَيْكَ رِيَاحُ الْنَّصْرِ نَشْرَهُمُ
كَأَنَّهُمْ فِي ظُهُورِ الْخَيْلِ نَبْتُ رُباً
طَارَتْ قُلُوبُ الْعِدَى مِنْ بَاْسِهِمْ فَرَقاً
وَمَنْ تَكُنْ بِرَسُولِ اللَّهِ نُصْرَتُهُ
وَلَنْ تَرَى مِنْ وَلِيٍّ غَيْرِ مُنْتَصِرٍ
أَحَلَّ أُمَّتَهُ فِي حِرْزِ مِلَّتِهِ
كَمْ جَدَّلَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ مِنْ جَدَلٍ
كَفَاكَ بِالْعِلْمِ فِي الأُمِّيِّ مُعْجِزَةً
خَدَمْتُهُ بِمَدِيحٍ أَسْتَقِيلُ بِهِ
إِذْ قَلَّدَانِي مَا تُخْشَى عَوَاقِبُهُ
أَطَعْتُ غَيَّ الصِّبَا فِي الْحَالَتَيْنِ وَمَا
فَيَا خَسَارَةَ نَفْسٍ فِي تِجَارَتِهَا
وَمَنْ يَبِعْ آجِلاً مِنْهُ بِعَاجِلِهِ
إِنْ آتِ ذَنْباً فَمَا عَهْدِي بِمُنْتَقِضٍ
فَإِنَّ لِي ذِمَّةً مِنْهُ بِتَسْمِيَتِي
إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَعَادِي آخِذاً بِيَدِي
حَاشَاهُ أَنْ يُحِْمَ الرَّاجِي مَكَارِمَهُ
وَمُنْذُ أَلْزَمْتُ أَفْكَارِي مَدَائِحَهُ
وَاَنْ يَفُوتَ الْغِنَى مِنْهُ يَداً تَرِبَتْ
وَلَمْ أُرِدْ زَهْرَةَ الدُّنْيَا الَّتِي اقْتَطَفَتْ
يَا أَكْرَمَ الْخَلْقَ مَا لِي مَنْ أَلُوذُ بِهِ
وَلَنْ يَضِيقَ رَسُولَ اللَّهِ جَاهُكَ بِي
فَإِنَّ مِنْ جُودِكَ الدُّنْيَا وَضَرَّتَهَا
يَا نَفْسُ لاَ تَقْنَطِي مِنْ زَلِّةٍ عَظُمَتْ
لَعَلَّ رَحْمَة رَبِّي حِينَ يَقْسِمُهَا
يَا رَبِّ وَاجْعَل رَجَائِيَ غَيْرَ مُنْكَكِسٍ
وَالْطُفْ بِعَبْدِكَ فِي الدَّارَيْنِ إِنَّ لَهُ
وَاْذَنْ لِتُحْبِ صَلَوةٍ مِنْكَ دَائِمَةٍ
وَالآلِ وَالْصَّحْبِ ثُمَّ الْتَّابِعِينَ لَهُمْ
مَا رَنَّحَتْ عَذَبَاتِ الْبَانِ رِيحُ صَباً
ثُمَّ الرِّضَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَنْ عُمَرَ
يَا رَبِّ بِالْمُصْطَفَى بَلِّغْ مَقَاصِدَنَا
وَاغْفِرْ إِلَهِي لِكُلِّ الْمُسْلِمِينَ بِمَا
بِجَاهِ مَنْ بَيْتُهُ فِي طَيْبَةٍ حَرَمٌ
وَهَذِهِ بُرْدَةُ الْمُخْتَارِ قَدْ خُتِمَتْ
 أَبْيَاتُهَا قَدْ أَتَتِ سِتِّينَ مَعْ مِائَةٍ

 

ثُمَّ الصَّلَوَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الْقِدَمِ
مَزَجْتَ دَمْعاً جَرَى مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمٍ
وَأَوْمَضَ الْبَرْقُ فِي الْظَّلْمَاءِ مِنْ أَضَمٍ
وَمَا لِقَلْبِكَ إِنْ قُلْتَ اسْتَفقْ يَهِمِ
مَا بَيْنَ مُنْسَجِمٍ مِنْهُ وَمُضْطَرِمٍ
وَلاَ أَرِقْتَ لِذِكْرِ الْبَانِ وَالْعَلِمَ
بِهِ عَلَيْكَ عُدُولُ الدَّمْعِ وَالْسَّقَمِ
مِثْلَ الْبَهَارِ عَلَى خَدَّيْكَ وَالْغَنَمِ
وَالْحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذَّاتِ بِالأَلَمِ
مِنِّي إِلَيْكَ وَلَوْ اَنْصَفْتَ لَمْ تَلُمِ
عَنِ الْوُشَاةِ وَلاَ دَائِي بِمُنْحَسِمٍ
إِنِّ الْمُحِبَّ عَنِ الْعُذَّالِ فِي صَمَمٍ
وَالشَّيْبُ أَبْعَدُ فِي نُصْحٍ عَنِ الْتُّهَمِ
مِنْ جَهْلِهَا بِنَذِيرِ الشَّيْبِ وَالْهَرَمِ
ضَيْفٍ أَلَمَّ بِرَاْسِي غَيْرَ مُحْتَشِمٍ
كَتَمْتُ سِرًّا بَدَا لِي مِنْهُ بِالْكَتَمِ
كَمَا يُرَدُّ جِمَاحُ الْخَيْلِ بِاللُّجُمِ
إِنَّ الْطَّعَامَ يُقَوِّي شَهْوَةَ الْنَّهِمِ
حُبِّ الرَّضَاعِ وَإِنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ
إِنَّ الْهَوَى مَا تَوَلَّى يُصْمِ أَوْ يَصِمِ
وَإِنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ الْمَرْعَى فَلاَ تُسِمِ
مِنْ حَيْثُ لَمْ يَدْرِ أَنَّ السُّمَّ فِي الْدَّسَمِ
فَرُبَّ مَخْمَصَةٍ شَرٌّ مِنْ الْتُّخَمِ
مِنَ الْمَحَارِمِ وَأَلْزَمْ حِمْيَةَ النَّدَمِ
وَإِنْ هُنَا مَحَضَاكَ النُّصْحَ فَاتَّهِمِ
فَأَنْتَ تَعْرِفُ كَيْدَ الْخَصْمِ وَالْحَكَمِ
لَقَدْ نَسَبْتُ بِهِِ نَسْلاً لِذِي عُقُمٍ
وَمَا اسْتَقَمْتُ فَمَا قَوِْي لَكَ اسْتَقِمِ
وَلَمْ أُصَلِّ سِوَى فَرْضِ وَلَمْ أَصُمِ
أَنِ اشْتَكَتْ قَدَمَاهُ الضُّرَّ مِنْ وَرَمٍ
تَحْتَ الْحِجَارَةِ كَشْحَاً مُتْرَفَ الأَدَمِ
عَنْ نَفْسِهِ فَأَرَاهَا أَيَّمَا شَمَمِ
إِنَّ الضَّرُورَةَ لاَ تَعْدُو عَلَى الْعِصَمِ
لَوْلاَهُ لَمْ تَخْرُجِ الدُّنْيَا مِنَ الْعَدَمِ
خَيْرُ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ عُرْبٍ وَمِنْ عَجَمٍ
أَبَرَّ فِي قَوْلِ لاَ مِنْهُ وَلاَ نَعَمِ
لِكُلِّ هَوْلٍ مِنَ الأَهْوَالِ مُقْتَحِمِ
مُسْتَمْسِكُونَ بِحَبْلٍ غَيْرِ مُنْفَصِمٍ
وَلَمْ يُدَانُوهُ فِي عِلْمٍ وَلاَ كَرَمٍ
غَرْفاً مِنْ الْبَحْرِ أَوْ رَشْفاً مِنَ الْدِّيَمِ
مِنْ نُقْطَةِ الْعِلْمِ أَوْ مِنْ شَكْلَةِ الْحِكَمِ
ثُمَّ اصْطَفَاهُ حَبِيباً بَارِىءُ النَّسَمِ
فَجَوْهَرُ الْحُسْنِ فِيهِ غَيْرُ مُنْقَسِمِ
وَاحْكُمْ بِمَا شِئْتَ مَدْحاً فِيهِ وَاحْتَكَمِ
وَانْسُبْ إَلَى قَدْرِهِ مَا شَئْتَ مِنْ عِظَمِ
حَدٌّ فَيُعْرِبَ عَنْهُ نَاطِقٌ بِفَمِ
أَحْيَى اسْمُهُ حِينَ يُدْعَى دَاِسَ الرِّمَمِ
حِرْصاً عَلَيْنَا فَلَمْ نَرْتَبْ وَلَمْ نَهِمِ
لِلْقُرْبِ وَالْبُعْدِ مِنْهُ غَيْرُ مُنْفَحِمٍ
صَغِيرَةً وَتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ آمَمِ
قَوْمٌ نِيَامُ تَسَلِّوْا عَنْهُ بِالْحُلُمِ
وَأَنَّهُ خَيْرُ خَلْقِ اللَّهِ كُلِّهِمِ
فَإِنَّمَا اتَّصَلَتْ مِنْ نُورِهِ بِهِمِ
يُظْهِرْنَ أَنْوَارَهَا لِلْنَّاسِ فِي الْظُّلَمِ
بِالْحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بِالْبِشْرِ مُتَّسِمٍ
وَالْبَحْرِ فِي كَرَمٍ وَالْدَّهْرِ فِي هِمَمٍ
فِي عَسْكَرٍ حِينَ تَلْقَاهُ وَفِي حَشَمٍ
مِنْ مَعْدِنَيْ مَنْطِقٍ مِنْهُ وَمُبْتَسَمٍ
طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ مِنْهُ وَمُلْتَثِمٍ
يَا طِيبَ مُبْتَدَإٍ مِنْهُ وَمُخْتَتَمِ
قَدْ أُنْذِرُوا بِحُلُولِ الْبُؤْسِ وَالْنِّقَمِ
كَشَمْلِ أَصْحَابِ كِسْرَى غَيْرَ مُلْتَئِمٍ
عَلَيْهِ وَالْنَّهْرُ سَاجِي الْعَيْنِ مِنْ سَدَمٍ
وَرَدَّ وَارِدُهَا بِالْغَيْظِ ِحِينَ ظَمِي
حُزْناً وَبِالْمَاءِ مَا بِالنَّارِ مِنْ ضَرَمٍ
وَالْحَقُّ يَظْهَرُ مِنْ مَعْنّى وَمِنْ كَلِمٍ
يُسْمَعْ وَبَارِقَةُ الإِنْذَارِ لَمْ تُشَمِ
بِأَنَّ دِينَهُمُ الْمُعْوَجَّ لَمْ يَقُمِ
مُنْقَضَّةٍ وَفْقَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ صَنَمٍ
مِنَ الشَّيَاطِينِ يَقْفُوا إِثْرَ مُنْهَزِمٍ
أَوْ عَسْكَرٌ بِالْحَصَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي
نَبْذَ الْمُسَبِّحِ مِنْ أَحْشَاءِ مُلْتَقِمِ
تَمْشِي إِلَيْهِ عَلَى سَاقٍ بِلاَ قَدَمِ
فُرُوعُهَا مِنْ بَدِيعِ الْخَطِّ فِي اللَّقَمِ
تَقِيهِ حَرَّ وَطِيسٍ لِلْهَجِيرِ حِمَى
مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَةً مَبْرُورَةَ الْقَسَمِ
وَكُلُ طَرْفٍ مِنَ الْكُفَّارِ عَنْهُ عَمِي
وَهُمْ يَقُولُونَ مَا بِالْغَارِ مِنْ أَرِمِ
خَيْرِ الْبَرِيَّةِ لَمْ تَنْسُجْ وَلَمْ تَحُمْ
مِنَ الدُّرُوعِ وَعَنْ عَالٍ مِنَ الأُطُمِ
إِلاَّ وَنِلْتُ جِوَاراً مِنْهُ لَمْ يُضَمِ
إِلاَّ اسْتَلَمْتُ النَّدَى مِنْ خَيْرِ مُسْتَلِمَ
قَلْباً إِذَا نَامَتِ الْعَيْنَانِ لَمْ يَنَمِ
فَلَيْسَ يُنْكَرُ فِيهِ حَالُ مُحْتَلِمِ
وَلاَ نَبِيٌّ عَلَىغَيْبٍ بِمُتَّهَمِ
وَأَطْلَقَتْ أَرِباً مِنْ رِبْقَةِ اللَّمَمِ
حَتَّى حَكَتْ غُرَّةً فِي الأَعْصُرِ الدُّهُمِ
سَيْباً مِنَ الْيَمِّ أَوْ سَيْلاً مِنَ الْعَرِمِ
ظُهُورَ نَارِ الْقِرَى لَيْلاً عَلَى عَلَمِ
وَلَيْسَ يَنْقُصُ قَدْراً غَيْرَ مُنْتَظِمِ
مَا فِيهِ مِنْ كَرَمِ الأَخْلاَقِ وَالْشِّيَمِ
قَدِيمَةٌ صِفَةُ الْمَوْصُوفِ بِالْقِدَمِ
عَنِ الْمَعَادِ وَعَنْ عَادٍ وَعَنْ إِرَمٍ
مِنَ النَّبِيِّينَ إِذْ جَاءَتْ وَلَمْ تَدُمِ
لِذِي شِقَاقٍ وَلاَ تَبْغِينَ مِنْ حَكَمٍ
َعْدَى الأَعَادِي إِلَيْهَا مُلِقَى السَّلَمِ
رَدَّ الْغَيُورِ يَدَ الْجَانِي عَنِ الْحُرَمِ
وَفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِي الْحُسْنِ وَالْقِيَمِ
وَلاَ تُسَامُ عَلَى الإِكْثَارِ بِالسُّأَمِ
لَقَدْ ظَفِرْتَ بِحَبْلِ اللَّهِ فَاعْتَصِمِ
أَطْفَأَتَ حَرَّ لَطَى مِنْ وِرْدِهَا الشَّبِمِ
مِنَ الْعُصَاةِ وَقَدْ جَاؤُوهُ كَالْحُمَمِ
فَالْقِسْطُ مِنْ غَيْرِهَا فِي النَّاسِ لَمْ يَقُمِ
تَجَاهُلاً وَهْوَ عَيْنُ الْحَاذِقِ الْفَهِمِ
وَيُنْكِرُ الْفَمُ طَعْمَ الْمَاءِ مِنْ سَقَمِ
سَعْياً وَفَوْقَ مُتُونِ الأَيْنُقِ الرُّسُمِ
وَمَنْ هُوَ النِّعْمَةُ الْعُظْمَى لُمُغْتَنِمٍ
كَمَا سَرَى الْبَدْرُ فِي دَاجٍ مِنَ الْظُّلَمِ
مِنْ قَابِ قَوْسَيْنِ لَمْ تُدْرَكْ وَلَمْ تُرِمَ
وَالرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْدُومٍ عَلَى خَدَمٍ
فِي مَوْكِبٍ كُنْتَ فِيهِ صَاحِبَ الْعَلِمَ
مِنَ الدُّنُوِّ وَلاَ مَرْقىً لِمُسْتَنِمٍ
نُودِيتَ بِالرَّفْعِ مِثْلَ الْمُفْرَدِ الْعَلَمِ
عَنِ الْعُيُونِ وَسِرّايِّ مُكْتَتَمٍ
وَجُزْتَ كُلَّ مَقَامٍ غَيْرَ مُزْدِحَمٍ
وَعَزَّ ادْرَاكُ مَا أُولِيتَ مِنْ نِعَمٍ
مِنَ الْعِنَايَةِ رُكْناً غَيْرَ مُنْهَدِمِ
بِأَكْرَمِ الرُّسْلِ كُنَّا أَكْرَمَ الأُمَمِ
كَنَبَاةٍ أَجْفَلَتْ غُفْلاً مِنَ الْغَنَمِ
حَتَّى حَكَوْا بِالْقَنَا لَحْماً عَلَى وَضَمٍ
أَشْلاَءَ شَالَتْ مَعَ الْعِقْبَانِ وَالْرَّخَمِ
مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ لَيَالِي الأَشْهُرِ الْحُرُمِ
بِكُلِّ قَرْمٍ إَلَى لَحْمٍ الْعِدَى قَرِمِ
تَرْمِي بِمَوْجٍ مِنَ الأَبْطَالِ مُلْتَطِمٍ
يَسْطُو بِمُسْتَأْصِلٍ لِلْكُفْرِ مُصْطَلِمِ
مِنْ بَعْدِ غُرْبَتِهَا مَوْصُولَةَ الرَّحْمِ
وَخَيْرِ بَعْلٍ فَلَمْ تَيَتَمْ وَلَمْ تَئِمِ
مَاذَا رَأَى مِنْهُمُ فِي كُلِّ مُصْطَدَمِ
فُصُولُ حَتْفٍ لَهُمْ أَدْهَى مِنَ الْوَخْمِ
مِنَ الْعِدَى كُلَّ مُسْوَدٍّ مِنَ اللِّمَمِ
أَقْلاَمُهُمْ حَرْفَ جِسْمٍ غَيْرَ مُنْعَجِمِ
وَالْوَرْدُ يَمْتَازُ بِالسِّيمَا عَنِ السَّلَمِ
فَتَحْسَبُ الزَّهْرَ فِي الأَكْمَامِ كُلَّ كَمِي
مِنْ شِدَّةِ الْحَزْمِ لاَ مِنْ شَدَّةِ الْحُزُمِ
فَمَا تُفَرِّقُ بَيْنَ الْبَهْمِ وَالْبُهَمِ
إِنْ تَلْقَهُ الأُسْدُ فِي آجَامِهَا تَجِمِ
بِهِ وَلاَ مِنْ عَدُوٍّ غَيْرِ مُنْقَصِمٍ
كَاللَّيْثِ حَلَّ مَعَ الأَشْبَالِ فِي أَجَمٍ
فِيهِ وَكَمْ خَصَمَ الْبُرْهَانُ مِنْ خَصِمٍ
فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْتَّأْدِيبِ فِي الْيُتُمِ
ذُنوُبَ عُمْرٍ مَضَى فِي الشِّعْرِ وَالْخِدَمِ
كَأَنَّنِي بِهِمَا هَدْىً مِنَ النَّعَمِ
حَصِّلْتُ إِلاِّ عَلَى الآثَامِ وَالْنَّدَمِ
لَمْ تَشْتَرِ الدِّينَ بِالدُّنْيَا وَلَمْ تَسُمِ
يَبِنْ لَهُ الْغَبْنُ فِي بَيْعٍ وَفِي سَلَمٍ
مِنَ النَّبِيِّ وَلاَ حَبْلِي بِمُنْصَرِمٍ
مُحَمَّداً وَهْوَ أَوْ فِي الخَلْقِ بِالذِّمَمِ
فَضْلاً وَإِلاَّ فَقُلْ يَا زَلَّةَ الْقَدَمِ
أَوْ يَرْجِعَ الْجَارُ مِنْهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ
وَجَدْتُهُ لِخَلاَصِي خَيْرَ مُلْتَزِمٍ
إِنَّ الْحَيَا يُنْبِتُ الأَزْهَارَ فِي الأَكَمِ
يَدَا زُهَيْرٍ بِمَا أَثْنَى عَلَى هَرِمٍ
سِوَاكَ عِنْدَ حُلُولِ الْحَادِثِ الْعَمِمِ
إِذَا الْكَرِيمُ تَحَلَّى بِاسْمِ مُنْتَقِمِ
وَمِنْ عُلُومِكَ عِلْمَ اللَّوْحِ وَالْقَلَمِ
إِنَّ الْكَبَائِرَ فِي الْغُفْرَانِ كَاللَّمَمِ
تَأْتِي عَلَى حَسَبِ الْعِصْيَانِ فِي الْقِسَمِ
لَدَيْكَ وَاجْعَْ حِسَابِي غَيْرَ مُنْخَرِمِ
صَبْراً مَتَى تَدْعُهُ الأَهْوَالُ يَنْهَزِمِ
عَلَى النَّبِيِّ بِمُهْنَهلٍّ وَمُنْسَجِمِ
أَهْلُ الْتُّقَى وَالْتَّقَى وَالْحِلْمِ وَالْكَرَمِ
وَأَطْرَبَ الْعِيسَ حَادِي الْعِيسِ بِالْنَّغَمِ
وَعَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ عُثْمَانَ ذِي الْكَرَمِ
وَاغْفِرْ لَنَا مَا مَضَى يَا وَاسِعَ الْكَرَمِ
يَتْلُونَ فِي الْمَسْجِدِ الأَقْصَى وَفِي الْحَرَمِ
وَاسْمُهُ قَسَمٌ مِنْ أَعْظَمِ الْقَسَمِ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِي بَدْءٍ وَفِي خَتَمِ
فَرِّجْ بِهَا كَرْبَنَا يَا وَاسِ

 
  3089836 visitors