الشيخ علي العمري
صاحب الكرامات الباهرة التي شهد له بها أهل طرابلس بإجماعهم، واعتبر اشهر أولياء عصره وأكثرهم كراماتٍ وخوارق عاداتٍ، وله المناقب المأثورة التي تواترت رواياتها على ألسنة الثقات من المعاصرين وعايشوا تلك الكرامات التي جرت له في اللاذقية و بغداد واستانبول وبيروت وطرابلس منذ صباه، وهو دون العشرين من عمره.
ومن المصادفات الطيبة أنه ولد في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الأول، وتوفي في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، فكان حميداً في ولادته وفي وفاته.
قد أطال الله بعمره فعاش مئة وثلاثة وعشرين عاماً ليطول أمد كراماته ويشيع خيرها وينتشر ذكرها. وهو طلب في إحدى خلواته بجامع "البرطاسي" بطرابلس أن يمنحه الله تعالى حالة الظهور، فأجيب الى ذلك، وانتشرت كراماته واذيعت بين الملأ حتى أضحى أكثر الناس ظهوراً، وأكثرهم ذكراً في طرابلس، بل في بلاد الشام كلها. ورحل الى بغداد لزيارة ضريح سلطان الأولياء الشيخ عبد القادر الجيلاني، فسار ماشياً على قدميه فزار الضريح وقرأ عنده ما تيسّر من القرآن، وعاد الى طرابلس ماشياً، وروى له الشيخ يوسف النبهاني عشرات الكرامات في كتابه"جامع كرامات الأولياء". وعنه ينقل الشيخ محمد كامل البابا في كتابه الخاص بعنوان "كرامات الشيخ علي العمري" ، ومن ذلك: مداواة رجل مريض بإطلاق الرصاص عليه وشفاؤه في الحال، وحمله حصاناً والصعود به 74 درجة.
وإملاء كيس فارغ بالنقود أمام جمع غفير، وتحويل قطرات من ماء البحر الى دراهم، وضرب الجدار بالقدح والتصاقه به، وحلق شعر إنسان بعود صغير من القش، وفتح الأبواب المقفلة بالحديد بمجرد لمسها، وإحضار فاكهة الشتاء بالصيف وفاكهة الصيف بالشتاء، وكتابته العربية والفارسية وهو أمي لم يتعلم الكتابة في حياته، وقوته وهو في التسعين من عمره بحيث لم يستطع اثنان من اقوياء المدينة أن يحركاه من مكانه وكأنه صخرة عظيمة.
أكتسب محبة الناس واحترامهم على إختلاف طوائفهم، وكان موقراً من الكبار والصغار، وإذا خرج من بيته خف اليه الناس مسلمين ونصارى لتقبيل يديه وخدمته والتبرك به.
كانت كلمته مسموعة مطاعة لدى كبار المسؤولين في بلده يسرعون لتلبية طلباته بمجرد الإشارة مع كرمه الزائد وجوده على الفقراء والمحتاجين، وكان ينفق مما يضعه زائروه تحت سجادته من غير حساب، وعندما مات لم يترك شيئاً يذكر من المال رغم كثرة العطايا التي كانت تأتيه.
وعندما شيّع جثمانه الى مقبرته المعروفة باسمه في ظاهر باب التبانة مشى جميع أهل طرابلس من مسلمين ونصارى خلف نعشه يبكونه ويودعونه بالدموع.
لقد كان الشيخ علي العمري رحمه الله، ملء السمع والبصر في حياته وبعد مماته لعدة عقود، والناس تتداول كراماته ومناقبه وأعماله الخارقة، حتى نوه به الباحثان رفيق التميمي ومحمد بهجة في كتابهما الشهير "ولاية بيروت" بل تحدث عنه العالم الجليل الشيخ "محمد رشيد رضا" في كتابه "المنار والأزهر".
وبجوار ضريح الشيخ العمري دفن علامة طرابلس في عصره الشيخ محمد بن إبراهيم الحسيني الطرابلسي السندروسي، المتوفى سنة 1359هـ/ 1940 م.
الدكتور عمر تدمري
https://goo.gl/maps/5KFc157XscRwoBPq6
|