الحاجّة امينة عادل
الحاجّة امينة أو الحاجّة آنّة , كما كان يدعوها الجميع ,( آنّة تعني في التركية " أم " ) ولأنّها كانت أم لآلاف المريدين عند مولانا الشيخ ناظم , ولدت سنة 1929 أو 1930 في كازان في روسيا من عائلة تتارية مكوّنة من أربعة أطفال . كان أباها يدعى عبد الله , وأمّها تدعى عائشة . هربت العائلة سنة 1934 من مطاردة الشيوعيون إلى إليسكيرت ومن ثمّ إلى إيريزروم في تركيا . فقد كان الشيوعيون في ذلك الوقت يلقون القبض على العديد من المؤمنين أو يرحّلوهم إلى سيبيريا . هاجرت العائلة بعد عشر سنوات إلى دمشق وإستقرّوا في جبل قاسيون . إلتقت العائلة هناك بالشيخ عبد الله الداغستاني . درست الحاجة امينة الشريعة الإسلامية على يد العديد من علماء البارزين مثل الشيخ صالح الفرفور والشيخ مختار علايلي . وكان الشيخ عبد الله الداغستاني شيخها في التصوف .
لقد رأى الشيخ عبد الله الداغستاني في منامه أنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم يزوجّ الحاجة امينة والشيخ ناظم في الجنّة . لذلك طلب مولانا الشيخ ناظم يدها , وبعد شهر من الخطوبة تزوجا سنة 1952 . يحدثنا مولانا الشيخ ناظم كيف ذهب إليها قبل الزواج وأخذ يحدّثها عن التصوّف فلاحظ " فجأة عرفت أنّ الحاجة هانم لديها إلمام في التصوّف أكثر مننا, ففضّلنا أن نصمت " .
رزق الزوجين خمسة أولاد . كانت البكر الحاجة نزيهة زوجة الشيخ هشام قباني. الولد الثاني كان الشيخ محمّد وارث مولانا الشيخ ناظم . أمّا الولد الثالث فكانت خديجة التي توفيت وهي في عمر السنتين . الولد الرابع كان الشيخ بهاء الدين . أمّا الولد الخامس فكانت الحاجة رقيّة .
خلال السنوات التي عاشت فيها في دمشق على حياة الشيخ عبد الله الداغستاني , تحملّت بكلّ صبر وبكلّ إيمان بالله غياب زوجها الذي كان إمّا في الخلوة أو يجول العالم لإعلاء كلمة الله في الأرض . بعد موت الشيخ عبد الله الداغستاني سنة 1973 وإنتقال الولاية إلى مولانا الشيخ ناظم أضحت بكلّ ما في الكلمة من معنى وريثة نساء الرسول صلّى الله عليه وسلّم , كأمّ للمؤمنين في الطريقة النقشبندية . فقد كانت تطبخ لأعداد كبيرة من التلاميذ الذين كانوا يزوروا مولانا الشيخ ناظم , سواء أكان ذلك في الشام أو حتّى بعد إنتقالهم إلى لفكي في قبرص . في الوقت ذاته كان لها أذن صاغية للجميع وتساعد الجميع بنصائحها وتدير ذكر النساء وتعطيهم التعليمات وترافق مولانا الشيخ ناظم في عديد من رحلاته . إضافة إلى ذلك كان لديها الوقت الكافي لتصدر سلسلة من الكتب منها " أربعين سؤالا " , "قصصّ عالم النور " و" آخر نبي " الذين تمّ ترجمتهم من قبل رضيّة شكر الله إلى الإنكليزية مما أهّل إلى إنتشار الكتاب على نطاق واسع . الكتاب الوحيد الذي ترجم أيضا إلى الألمانية كان " قصص عالم النور " .
بالرغم من نجاحها ككاتبة ومعلّمة , تابعت مسيرتها في خدمة الله عزّ وجلّ , ورسوله صلّى الله عليه وسلّم والمريدين في الطريقة النقشبندية , بكلّ تواضع . تعرّضت الحاجة امينة سنة 2002 إلى جلطة في الرأس فتلقت من مختلف أرجاء العالم تمنيّات لها بالشفاء . ولكنّها شعرت بالخجل الشديد لأنّها أصبحت محطّ أنظار الناس . قال مولانا الشيخ ناظم " لو لم تتحمّلني بكلّ صبر خلال هذه السنوات الخمسين , لما أتى أحدهم إلى الطريقة . "
فليباركها الله وليكن قبرها قطعة من الجنّة ملؤه النور والعطر الطيّب . ولتكن بسعادة لا تنتهي في رحاب حضرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وجميع الأولياء , ولترتقي في كلّ لحظة درجات أعلى من النعيم والفرح في نظر العليّ الأعلى الكريم .
|