كتاب
عبق الولاية
بقلم
الحاجّة آمنة عادل ( قدّس الله سرّها)
II
V
عبق الولاية
الحاجّة آمنة عادل هي كاتبة معروفة ومحاضرة وناصحة روحانية كرّست أكثر من أربعين سنة من حياتها لمساعدة الناس من مختلف الطرق ليفهموا الإسلام بطريقة أفضل . إضافة إلى ذلك فإنّها لعبت دورا حيوي في مساعدة المرأة المسلمة للتعرّف على حقوقها القانونية التي منحها لها الله عزّ وجلّ . إنّ زواج الحاجة آمنة من الشيخ محمد ناظم الحقاني المسؤول الروحي عن الطريقة النقشبندية, فتح لها المجال للسفر إلى عديد من البلدان . وبما أنّها عالمة في الشريعة وشيخة فإنّه كان لديها العديد من التلاميذ في شمال وجنوب أمريكا , أوروبا ,الشرق الأقصى والشرق الأدنى . درست على يد عدد من العلماء في الشرق الأوسط وتركيا ومن ضمنهم الشيخ عبد الله الفائز الداغستاني وآخرون . الحاجة آمنة هي من عائلة الرسول صلّى الله عليه وسلّم . ولدت الحاجة آمنة في مقاطعة كازان في روسيا خلال الحقبة الشيوعية التي طهّرت على مستوى واسع من الولاية العديد من اليهود والمسيحيين والمسلمين . عندما كانت ما تزال طفلة صغيرة هربت العائلة في الظلمات مشيا على الأقدام , وليس بحوزتهم سوى بعض الثياب المحمولة على الظهر, لتأمين سلامتهم . فعديد من جيرانهم كانوا يختفوا بظروف غامضة وملايين منهم نفي إلى معتقلات في سيبيريا حيث ماتوا من شدّة البرد أو من شدّة الجوع . وبما أن الحاجة آمنة كانت طفلة صغيرة لا تستطع أن تتذكّر هذه الرحلة المضنية إلى تركيا , يقصّ عليها أهلها الشجعان الذين يتمتّعون بإيمان قوي عن حب الحاجة آمنة للمغامرة , والذي أدى إلى تعرّضها إلى وقعة بقيت فيها في حالة إغماء , خاف أهلها أن لا تستفيق منها . وبعد أكثر من سنة من الملاحقة المميته من قبل الضبّاط الشيوعيين وصلت العائلة بمعجزة إلى أرزروم في شمال تركيا . وهكذا أكرمت الحاجة آمنة في سنّ مبكرة بصفة عالية ,وهي صفة المهاجرة , أي الذي يهاجر من أرض الطغاة إلى أرض أخرى ليتمكّن فيها من ممارسة شعائره الدينية . يقال أنّ عمل كهذا يتوقّف مكافأته على الله عزّ وجلّ . يبدو أن هذه التجربة المبكّرة في حياة الحاجة آمنه صاغ حبّها للعائلة والمجتمع والسفر وأظهر صرامتها للوقوف بجانب العدالة وحبّها للإسلام . لكن بعد البقاء لمدّة 12 سنة في تركيا رأى أبو الحاجة آمنة رؤية طلب منه فيها السفر إلى الشام (دمشق) , والتي كانت الوجهة الأساسية التي أرادوا أصلا التوجه إليها عند هروبهم من روسيا . وجدت العائلة في الشام الحياة التي كانوا يفتّشوا عنها فسكنوا في جبل قاسيون , الجبل العالي , الذي يطلّ على المدينة بأكملها . وهنا تعرّفت العائلة على الشيخ عبد الله الفائز الداغستانيمن السلسلة الذهبية في الطريقة النقشبندية الذي راقب عن كثب تطوّر الحاجة آمنة الروحاني والديني . درست الحاجة آمنة التصوّف على يد الشيخ عبد الله الفائز الداغستاني والفقه على يد الشيخ صالح فرفور في سوريا والشيخ مختار العلايلي , وثمّ على يد الأمين العام للقضايا الدينية في لبنان . لقد كان معلّمي الحاجة آمنة معجبون بفطنتها وذاكرتها القوية وقدرتها على إستيعاب وتحليل مسائل معقّدة ضمن إطار النظام الإسلامي وحتّى في عمر مبكّر . خطبت الحاجة آمنة في عمر الثالث والعشرون وبنصيحة من الشيخ عبد الله الفائز الداغستاني الشيخ محمد ناظم الحقاني الشاب وتزوّجا بعد شهر, وإستمرّوا مع بعضهم البعض لمدّة خمسين سنة . يقول الشيخ محمد ناظم الحقاني أن إمرأته بقيت في نظره كما لو أنّه تزوّجها الآن . عاش الإثنين مع بعضهم البعض وأنجبوا أربعة أولاد بينما كانوا يتنقّلوا بين سوريا , تركيا وقبرص . وحتّى وقت هذه الكتابة رزقوا بستة عشرحفيد وستة أبناء أحفاد .وبما أنّ الحاجة آمنة كانت أما شابة وزوجة رجل في الطريقة يسافر في جميع أنحاء الأرض لإعلاء كلمة الله , فقد كانت تبقى لمدّة طويلة لوحدها , مواجهة تحدّيات الحياة ومسؤوليات تربية أولادها .فحالتحا هذه مع تجربتها في الطفولة قوّى من إعتمادها على الله . لقد ذهبت الحاجة آمنة ثلاث مرّات إلى الحج لتقوم بواجباتها الدينية في مكّة .بسبب حكمتها وطريقتها العملية في الحياة وقدرتها على حلّ المشاكل على مدى السنين , أضحت الحاجة آمنة مرجع للنساء في كثير من المشاكل . فقد كانت تتكلّم بطلاقة اللغة التركية والعربية وكانت تتقن الإنكليزية . إن أعمال الحاجة آمنة يتضمّن ثلاث أجزاء من سلسلة قصّة "عالم النور" , الذي يحتوي على قصص لا تضاهى في جمالها عن الأنبياء وعن معجزات الأولياء
|