شمس الشموس
  02.08.2010
 


 

إن كانت إلا صيحةً واحدةً فإذا هم خامدون

مولانا الشيخ محمد ناظم الحقاني سلطان الأولياء

ليفكة  قبرص   2 أغسطس 2010

(مولانا يقف)، الله الله، الله الله، الله الله، عزيز الله، عزيز الله، كريم الله، كريم الله. سبحان الله، سلطان الله، سبحان الله، سلطان الله، سبحان الله، سلطان الله. زد وبارك يا رب العزة والعظمة والجبروت، حبيبك عزاً وشرفاً، ونوراً وسروراً، ورضواناً وسلطاناً. زدنا به يا ربي إيماناً ويقيناً وتعبداً دائماً أبداً، (مولانا يجلس).

 

نحن عبيدك يا رب العزة والعظمة والجبروت. خلقتنا من غير شيء. ولا شيء غيرك في الوجود. ونلقي تحيتنا إلى القطب المتصرف في هذه الأرض. وهو ممثل السماء في الأرض. وعن طريقه تصل تسبيحاتنا إلى حضرة رب السموات. ونقول، "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". يا ربنا، نفر إليك من الشيطان الملعون. ونقول أيضاً، (مولانا يقف تعظيماً لاسم الله تعالى)، "بسم الله الرحمن الرحيم .. بسم الله الرحمن الرحيم .. بسم الله الرحمن الرحيم"، (مولانا يجلس) .. وهذه أهم نقطة، وعن طريقها يأتي كل شيء في الوجود .. "بسم الله الرحمن الرحيم" .. رددوها دائماً! رددوا، "بسم الله الرحمن الرحيم"، يومياً وفي كل فرصة، ولا يمكنك تصور أجر ترديدك لـ "بسم الله الرحمن الرحيم"!

أيها المشاهدين، لا تكونوا من الغافلين! صوتي ضعيف، ولكن أحياناً تأتي موجات صوتية، لا يصمد أمامها أي واقف، إلا أوقعته وأردته ميتاً! .. أيها المشاهدين، لا تكونوا من الغافلين! .. افتحوا أعينكم وآذانكم ومدارك فهمكم! .. صيحة تأتي من السماء تجعل كل العالم كهشيم المحتظر .. صيحة واحدة من السماء تفني كل الوجود! (يضرب كفاً على كف).

أيها الحاضرين، أيها الناس جميعاً! ماذا تتوقعون؟ وماذا تنتظرون؟ هل تنتظرون إلا صيحة تأتي من السماء؟ .. يا علماء السلفية، يا من تدّعون العلم. بما أنكم لا ترضون بأن تكونوا طلاب علم وإنما علماء، فهناك موضوع يرسلونه إلي ويذكرونني به ويعلمونني إياه ويحثونني على أن أبلغه لكم ولأمثالكم، الذين يفتخرون بكونهم علماء. أخبروني عن تلك الصيحة التي ستفني الأرض في غضون أقل من ثانية؟ .. أنتم تتلون القرآن الكريم، على ما أظن. فما معنى قوله سبحانه وتعالى، (مولانا يقف تعظيماً لكلام الله عز وجل):

{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ. إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذاَ هُمْ خَامِدُونَ}، (يس، 28- 29).

حق! (مولانا يجلس). هذا موضوع مهم للغاية. هم يحسبون أن هذه مسخرة، وأننا خُلقنا عبثاً، فقط لنلعب ونلهو ولا شيء آخر! وقرّاؤنا يتلون القرآن من غير تدبر ولا تفكير.

هذه الصحبة ابتُدئت بالوعد والتهديد للناس بقولهم، "أيها الناس، أدركوا أنفسكم من قبل أن تأتيكم "صيحة"، مثل الرعد الشديد تدمر كل شيء وتفنيه من الوجود!" يظنون أننا نتكلم جزافاً .. نحن لا نجلس هنا لنعبث! .. هذه الصحبة في غاية الجد، لتدركوا أنفسكم قبل أن يقع عليكم العقاب السماوي مثل الرعد! وما هو دليلنا على قولنا هذا؟ ألا تقرؤون هذه الآية الكريمة في سورة يس الشريف؟

{إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذاَ هُمْ خَامِدُونَ}!

لماذا أنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية؟ هل لمجرد سرد قصة تاريخية أو تذكيراً لحادث وقع في غابر الزمان؟ ولِم يعيد تكراره علينا؟ { إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذاَ هُمْ خَامِدُونَ}؟ وما الفائدة من إخبار الله سبحانه وتعالى عباده بتلك الحادثة؟ ألأجل تذكيرهم أم تعليمهم أم تدريبهم؟

 

كانت تلك صيحة رهيبة، دمرت مدينة أنطاكيا كلها كاملة. وكانت مدينة مشهورة آنذاك. وبأمر من الله سبحانه وتعالى صاح فيهم جبرائيل عليه السلام صيحة واحدة، فوقع الجميع ميتين، هامدين، كقطعة فحم .. كانت صيحة عظيمة، لا يوازيها قوة ألف رعد.

هذا إنذار لجميع الناس! .. أيها الناس أدركوا أنفسكم! .. حافظوا على آدابكم وأطيعوا ربكم واعملوا بما أمركم به! .. أيها الناس لا تركضوا خلف الشيطان ولا تنهجوا سبله! .. فهذا إخبار من السماء لتحذير الناس، فأدركوا أنفسكم وحافظوا على مواقفكم، ولا تفتخروا بما لا قيمة له من الأشياء ولا ينفعكم، إلا إن كانت لله تعالى!

 

في ما مضى كان الناس يفتخرون بكنوزهم وخزائنهم. أما أبناء القرن الواحد والعشرين، لا يفتخرون بالمال والكنوز، بقدر ما يفتخرون بتمكنهم من أساليب الشيطان، وفخرُهم هذا يضعهم في مرتبة الشيطان. الشيطان لا يستخدم المال والكنوز، وإنما يعطي لبعض الغافلين من الناس بعض أسراره المتعلقة  بهذه الأرض، ويضعها تحت تصرفهم. مُنح للبشر استخدام بعض مراكز الطاقة غير المعروفة. وهذه ما يسمونها بالتكنولوجيا، التي لم تكن معروفة قبل مائة سنة. في غضون قرن من الزمان استطاع الشيطان أن يعلم أتباعه ذلك السر؛ ذاك السر الذي مُنح للبشر الإذن في استخدامه، لمحاربة أهل السماء. والشيطان، منذ ذلك الحين لا يتوانى. شغله الشاغل، أن يستعبد الناس عن طريق التكنولوجيا. وهدفه الرئيسي انتزاع الإيمان من قلوب المؤمنين وتعريتهم منه. (مولانا يضرب كفاً على كف). فينظرون ويرون أنفسهم عرياناً، فيركضون ليختبئوا خلف تكنولوجيا الشيطان.

عندما عصى آدم عليه السلام ربه، وسقط عنه لباسه من أجل خطيئته، راح يخصف من ورق الجنة ليستر عورته. وفي عصرنا، وصل الناس إلى مرحلة يظنون أنفسهم قد أُلبسوا لباساً واقياً. ولكن هذه ليست كافية لتقيهم من شر ما ينزل من السماء. والشيطان يسعى جاهداً لتعليم الناس وإرشادهم إلى طاقاته السرية ويعِدُهم ويُمَنّيهم بقوله، "يا أتباعي! لدي مصادر طاقة كبيرة تكفي لجعلكم أصحاب قوة ونفوذ لمحاربة السماء وأهله".

 

ولذلك يسعى أبناء القرن الواحد والعشرين بالاحتماء من لعنة السماء. فهم ليسوا بغافلين عن ما جرى لقوم نوح وما جرى لقوم إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من آلاف الأنبياء الذين مضوا وما حصل لقومهم. فلذلك هم يُحَصِّنون أنفسهم ضد القوى السماوية بمعدات اخترعتها أيديهم عن طريق التكنولوجيا وبمساعدة الشيطان وبتعاليمه. والشيطان يمنحهم المزيد من السلطة والصلاحية لاستعمال التكنولوجيا، ويغريهم بقوله، "بالتكنولوجيا سوف تحمون أنفسكم من نقمة السماء!" تلك هي تعاليم الشيطان. والناس قد آمنوا بهذا وأصبحوا يظنون أن التكنولوجيا سوف تحميهم من بطش السماء. فهم لا يفرقون بين قوى الأرض وقوى السماء. ويظنون أن بإمكانياتهم البسيطة وبقدراتهم الواهية يمكنهم أن يحموا أنفسهم من بلاء يأتي من السماء يهلكهم جميعاً عن آخرهم.

 

نعم، لديهم المعرفة والتكنولوجيا وهم يظنون أن هذه كافية لحماية أنفسهم. والقرآن الكريم يخبرنا ماذا حصل لأهل أنطاكيا، وكيف هلكوا. فقد كانت لهم مملكة عظيمة وكانت لديهم الإمكانيات ليدافعوا عن أنفسهم وعن مملكتهم. ورب السموات لم يبعث جنوداً لإهلاك أنطاكيا ولم يكن يبعث جنوداً لإهلاك الأمم السابقة، إلا ما كان من إرسال البعوض لنمرود والطير الأبابيل لأبرهة. وأما أهل أنطاكيا فلقد أهلكهم بالصيحة .. وأي صيحة! .. صيحة رهيبة، لا يمكنك تصور شدتها! .. تحرق كل شيء وتجعل الناس جثثاً متفحمة. وهي تأتي من تحت الأرض.

هذا تحذير للذين يقولون، "نحن لسنا بحاجة لاتباع أي من الأنبياء والرسل، الذين يستمدون قوتهم من المراكز السماوية. ولا يهمنا أمرهم في شيء". وهؤلاء سيقع عليهم العذاب من عند الله سبحانه وتعالى، ولكن ليس بصيحة من السماء، وإنما من قِبَل أنفسهم.

رأيت صورة رهيبة في بعض الصحف، (مولانا يبحث عن الصورة)، وتقول هذه الصحيفة أن الأمريكان لديهم حاملة طائرات عملاقة تزن حوالي مائة ألف طن مليئة بالرؤوس النووية. مثل هذه، إذا فُجِّرت، فصوتها المدوي الرهيب سيكون بمثابة صيحة تردي بالناس قتلى، وتفنيهم. هذا ما سيحصل لهم؛ منهم وإليهم! لأن الناس لا يعتقدون بالمقدسات والروحانيات والعلوم الربانية، سوف يتخلى عنهم الله سبحانه وتعالى ويتركهم ومشاريعهم الشيطانية لتدمير البشرية وكل الكائنات الأخرى في هذا الكوكب. ستكون صيحة في هذه الأرض .. صيحة أصلها التقنيات التي علمها الشيطان للبشر .. صيحة تدمر المدن والبلدان والقارات وتجعلهم كالفحم الأسود. وهذا ما سيصيب هؤلاء الذين يتبعون الطرق الشيطانية بدلاً عن منهج السماء .. سيصبح العالم كقطعة فحم أسود محترق. والله عز وجل يقص علينا مثل هذه القصص لنعتبر، "أيها الناس! إن أبيتم طريق الهداية وأصررتم على اتباع الشيطان وأساليبه، فسوف يصيبكم مثل ما أصاب الأمم السابقة!" والله سبحانه وتعالى لن يهلك هذه الأمة كما أهلك الأمم السابقة، وإنما يرخي حبالهم، فيتبعون الشيطان وتعاليمه، وفي النهاية ستقع عليهم صيحة رهيبة مثل الرعد الشديد، فيترديهم قتلى. غفر الله لنا!

 

إن أمعنتم النظر في القرآن الكريم وتدبرتم معانيه، فبإمكانكم رؤية ما هو آت. ولكن الجهلاء من أتباع الشيطان، يمنعون الناس من إطاعة الأوامر السماوية واتباع رسل الله والكتب المقدسة والرسالات المقدسة. لذلك سيقع عليهم عذاب، ولكن من قِبَلِ أنفسهم. يقول الله سبحانه وتعالى، (مولانا يقف)، أستعيذ بالله:

 

{قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُُمْ عَذاَباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضُكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيَفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ}، (الأنعام، 65).

هل تفهمون هذه الآية، يا علماء سلفيون؟ (مولانا يجلس). لماذا لا توضحون للناس بعض أسرار القرآن؟ هناك معانٍ جلية يمكن فهمها، ولكن هناك أيضاً معانٍ وإشارات خفية من الممكن استنباطها من خلال القرآن الكريم؛ محيطات من المعاني. فلماذا لا تنبّهون الناس أن يتأدبوا أمام ربهم وخالقهم ويعظّموه ويطيعوه؟ .. وإلا فنحن في زمن سوف يشهد أحداثاً لم نعهدها من قبل! .. فالله سبحانه وتعالى يخبرنا بأنه لن يقع على هذه الأمة عذاب من فوق رأسهم أو من تحت أقدامهم، وإنما بمنحه السلطة في يد الكفار والجماعات الشيطانية؛ فيبث هؤلاء الحقد والكراهية والنفور بين الناس فيقتل بعضهم بعضاً، ويخترعوا أسلحة رهيبة مدمرة مما علّمهم  الشيطان .. غفر الله لنا!

"أيها الناس انتبهوا واحذروا! .. ويا علماء؛ خاصة العلماء السلفية! .. لماذا لا تفتحون أمام الناس مثل هذه المواضيع؟ .. لماذا لا تحذون حذو خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي قال القرآن الكريم في حقه، "بشيراً وَنَذيِراً"؟ .. فلماذا لا تكونون بحق هؤلاء الذين تجاوزوا الحق وعصوا الله عز وجل "نذيراً"، وتحذروهم بأن "الرعد" آت وسيضرب رؤوسهم!؟ .. لا أدري، هل سيأتي بعد أيام أم بعد شهور أم بعد سنين. ولكن السنين القادمة ستكون شديدة على الشيطان وأتباعه وعواقبها وخيمة عليهم. فكونوا من أتباع خاتم الأنبياء والمرسلين (مولانا يقف تعظيماً له ثم يجلس)، ولا تكونوا من أتباع الشيطان!

 

اللهم يا رب اغفر لنا، وابعث لنا المنذر الأخير، سيدنا المهدي عليه السلام الذي سيجمع لك عبادك الضعفاء. بحرمة سيدنا المهدي الفاتحة.

سبحان الله! (40 دقيقة) و803 مشاهد. ارتفع عدد المشاهدين من 700 ، ما شاء الله

(مولانا يصلي ركعتي صلاة الشكر).


 
  3100549 visitors