بسم الله الرحمن الرحيم
"يا دنيا من خدمني فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه"
مولانا الشيخ ناظم الحقاني قدس سره
19 أيار 2011
بسم الله الرحمن الرحيم. حق علينا أن نقف عند ذكر اسم الله جل وعلا، (مولانا يقف). ولو أننا وقفنا لملايين السنين، فهذا قليل في حقه، ولهذا أقف عند ذكر اسمه جل وعلا. نسأل الله أن لا يحرمنا من نعمة الوقوف في حضرته، آمين. (مولانا يجلس).
"الخير في الجمعية". ولكي يكون مجلسنا مباركاً. نبدأ بـ"بسم الله الرحمن الرحيم". الليل قصير في هذه الأيام، ولم يعد هناك مجال للسهر. ولكن سنقول بعض الكلمات، بعد طلب الإذن، يكون سبباً في إدخال السرور في قلوب المؤمنين. أمان يا ربي!
الدنيا في خدمة عباد الله المؤمنين وتحت تصرفهم. والكفار عبيد للدنيا، التي هي في خدمة عباد الله الصالحين. تلك نقطة مهمة. لا شك فيها ولا شبهة. قبلتم بها أم لم تقبلوا، فهذا عائد إليكم. قيمة الإنسان أصبحت في أدنى المستويات، لأنهم أعرضوا عن عبادة الله واتخذوا من الدنيا رباً لهم، وعبدوها. أولئك لهم عذاب في الدنيا، ولهم عذاب حين موتهم ولهم عذاب في قبورهم ولهم عذاب في الآخرة. وسوف يطردون من حضرته سبحانه وتعالى. حفظنا الله! ومن رضي بالله رباً، رُزق محبة الله له ونال تكريماً منه سبحانه وتعالى. وأما الذين أعرضوا عن عبادته، فلهم عذاب الخزي والهوان. طبعاً، نحن لسنا أولى الأمم التي عاشت في هذه الدنيا. بل نحن أمة آخر الزمان. لقد أرسل الله 124 ألف نبي. كل نبي بعث إلى أمته. عاشوا فترة من الزمن ثم مضوا. ونحن أمة نبي آخر الزمان، عليه الصلاة والسلام. وكل من في العالم من أمته. منهم من قبل به ومنهم من لم يقبل به. من قبل به نال تكريماً، ومن لم يقبل به نال ذلاً وهواناً.
إن من ينظر إلى الدنيا في هذه الأيام، يجدها مشتعلة بالنيران في كل أطرافها؛ نار أشعلتها الناس ليحرقوا أنفسهم والآخرين، عن طريق الحروب التي يوقدونها. فيهدمون بيوتهم ويقتلون بعضهم البعض. ونار الكوارث الطبيعية التي باتت ظاهرة منتشرة في الآونة الأخيرة، مثل الزلازل والأعاصير، حفظنا الله! فمع وجود آلات وتقنيات حديثة، لم يستطع الإنسان التحكم بالزلازل ولا التنبؤ بوقت حدوثها، أو بالقوة التي ستضرب، وأين ستضرب. كل هذا خارج عن إرادتهم. يعتقد الناس بأنهم يمكنهم التحكم في كل شيء عن طريق التكنولوجيا. ولكنهم في الواقع لا يتحكمون في شيء. كم مرة نشاهد الدمار الذي تلحقه الزلازل. فترى المباني العملاقة تنهار كأنها بيت من ورق. والله أعلم، كم من المئات أو الآلاف من الناس يعلقون تحت أنقاضها.
وهناك الأعاصير أيضاً يا حاج شاكر. الإعصار الذي يأتي من المحيط يسمى "هوريكان" والإعصار الذي يحدث في اليابسة يسمى "تورنادو". وهناك أعاصير تحدث في قلب المحيطات. والأعاصير تعمل خرطوماً تصل إلى السماء وتتحرك بشكل لولبي، وهي معروفة من قديم الزمان. وهناك آية في القرآن الكريم، إذا تلوتها تنجيك من تلك الأعاصير. ولكن يجب أن يكون عن طريق شيخ مأذون. وكان قباطنة السفن يتلقونه من شيخ مأذون، فإذا رأوا إعصاراً وتلوا تلك الآية وفعلوا هكذا بالسكين (مولانا الشيخ يقوم بحركة في يده)، سكن الإعصار واختفى. وهكذا نجا العديد من البحارين من العواصف. ونحن نملك قوة نمسك بالإعصار كما يمسك بخرطوم المياه ونقذف به إلى مكان لا يعلمه أحد.
للأعاصير قوة عظيمة، يمكنها رفع السفن التي تزن مئات الأطنان وقذفها إلى مكان بعيد. وكنا نسمي تلك الأعاصير بـ"رياح الشيطان"، وهي تدور بصورة لولبية، تدخل في القرى تلتف بكل شيء تصادفه في طريقها، وعلى حسب قوتها، تقلع أسطح المباني وتحمل الحيوانات والناس إلى أعلى وترمي بهم بعيداً.
سوف أروي لكم حادثة حصلت قبل أن تولدوا، ربما كان هذا "الحاج أفندي" صغيراً. كان في "ليماسول"، في قبرص رجل يدعى هوروز محمد (عثمان)، رحمه الله. وكان هوروز محمد يسوق حافلة، وكانوا يدعونه بـ"حافلة القرية". ذات مرة كنت عائداً من "إيبيسكوبي" إلى ليماسول. وكان هوروز محمد ينقل الركاب من "ليماسول" إلى "إيبيسكوبي"، أو العكس. وبينما كنت أركب معه في حافلته قلت له: "يا عثمان! ليس لديك عقل كبير. فالذين يتسمون بهذا الاسم لا يتمتعون بعقل كبير. ولكن أنصحك أن تقرأ هذا الدعاء عند دخولك لأي بلد. وهذا الدعاء: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. {رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً}، (الإسراء:80). وإذا كنت لا تحفظ هذه الآية عن ظهر غيب فقل، "يا ربي أنا داخل في هذا البلد، فاحفظني من شر ما فيه!" قلت له هذا ثم نزلت من الحافلة بعد أن وصلنا إلى "ليماسول". وبعد أن انتهيت من أداء صلاة الظهر، قفلت راجعاً إلى "إبيسكوبي". وهوروز محمد عاد من هناك؛ من "إيبيسكوبي" إلى "ليماسول" بفوج آخر، لينقل فوجاً آخر من الركاب. فقبل أن يدخل البلد تذكر ما قلته له، فقرأ الفاتحة ثم تلا الدعاء. وبينما هو في "ليماسول" ضرب إعصار قوي، دمر العديد من المباني ورمى بالسيارات فوق بعضها البعض، وحتى أنه اقتلع مئذنة إحدى المساجد. هل تذكر ذلك؟ (مولانا يسأل أحد الحاضرين). وأما محمد هوروز فقد نجا. جاء إلي بعد ذلك وقبل يدي وقال لي، "يا شيخ أفندي، لو لم أقرأ ذلك الدعاء لكان حالنا يرثى عليه، ولكان الإعصار قذف بنا وبالحافلة بعيداً". قلت له، "أنت ذكي، حافظ على صلاتك، وإلا في المرة القادمة سوف يرمي بك الإعصار!" قال، "لا أترك أبداً صلاة الجمعة". وقد رأيت الدمار الذي تسبب به الإعصار. ذهبت إلى هناك لأرى ذلك بنفسي. حكمة ربنا، أن الإعصار ضرب بعد أن تركت المنطقة بوقت قصير. إذا جاء إعصار بتلك القوة، فسوف يحمل سكان قبرص ويطير بهم في الهواء يلف بهم هكذا، ثم يرمي بهم في البحر. عليكم أن تحذروا! إحفظوا ألسنتكم عن الخوض في كلام ضد الإسلام، وإلا سيقع على رؤوسكم ما لم تحسبوا له حساباً، يسحبكم هكذا ثم يرمي بكم في البحر. وحينها، لو أن سبع دول جاءوا لنجدتكم، ما استطاعوا إنقاذكم!
الأعاصير أصبحت ظاهرة منتشرة في الآونة الأخيرة، حاج محمد. الذي يحصل في اليابسة يسمى، "تورنادو"، يشبه هذا الاسم مفك البراغي باللغة التركية tornavida. يحمل الأشياء ثم يلف بهم، ثم يرميهم بعيداً .. الله الله، جل جلاله، سبحانه وتعالى، (مولانا يقف تعظيماً لله جل وعلا) أمان يا ربي، أمان يا ربي، اغفر لنا يا ربي! (مولانا يجلس). الأعاصير والزلازل أصبحت مألوفة في هذه الأيام، وتتكرر باستمرار. وأخيراً في هذه الأيام يستعد الناس لمواجهة كبيرة بين بعضهم البعض، كي ينفسوا عن النفوس التي احتقنت بالكراهية والعداوة والبغضاء، والتي تبدو أنها لن تنتهي أبداً.
الضيف: يبدو أن التمرد على الحكومات والثورات قد ازدادت في هذه الأيام.
مولانا الشيخ ناظم: نعم، أصبح العصيان المدني منتشراً .. ومن أخطر ما سيحدث تسونامي في بحر مرمرة. فهو بحر غير آمن؛ قاعه يغلي. وأما بالنسبة لإسطنبول، فعلى سكانه أن ينتبهوا، وإلا سيسوى بهم الأرض. إسلامبول؛ المدينة القديمة ستبقى محفوظة. وأما إسطنبول؛ المدينة الجديدة، فستنهدم. المدينة مكتظة بالسكان، وهذا ليس بالأمر الجيد. فهي منطقة غير آمنة للسكن فيه. هذا يكفي. رزقكم الله حسن الخاتمة. توبة يا ربي .. بدأت أتعب. ولكن ماذا عساي أن أفعل. كان علي أن أقول هذا، فهو أمر مهم. قوموا ببثها عبر تلك الآلة (الإنترنت) .. يجب على الناس أن يعرفوا هذا، لذا قوموا ببثه! يقول الله جل وعلا في كتابه العزيز، {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنْذِرُونَ}، (الشعراء:208). أولاً يجب تبليغ ذلك للناس، وإذا لم يسمعوا الكلام يأتيهم العذاب. الله الله الله .. يا ربي، توبة يا ربي توبة يا ربي توبة أستغفر الله!
ضرب إعصار في نيوزيلندا. لم يحصل أن ضرب هناك إعصار، بمثل هذا الحجم من قبل. ولكن الله جل وعلا يرسله أين ومتى شاء. فلماذا أنتم نائمون؟ احذروا أن يأخذكم على حين غفلة ويرمي بكم في البحر، لتكونوا لقمة سائغة للأسماك. اللهم اجعلنا في حفظك وحرزك وأمانك وكنفك يا الله.
أيها الناس! إياكم والتعدي لحقوق الآخرين. ولا يقتل بعضكم بعضاً. ولا تعذبوا الناس، وإياكم والغش، واتركوا الشحناء والعداوة والبغضاء، ولا ضرر ولا ضرار! .. ماذا عسانا أن نقول أكثر من ذلك. اسمعوا وعوا وإلا يقع على رؤوسكم العذاب .. أمان يا ربي! نحن عبيدك الضعفاء .. الله الله .. الفاتحة.