الإسكندر الكبير وديوجين
يحكى أنّه في أحد الأيّام وبينما كان ديوجين (حكيم يوناني) مستلقيا على ضفّة النهر , جاء الإسكندر الكبير صباحا لزيارته . تفاجأ الإسكندر من المشهد الذي رآه . كان ديوجين مستلقيا , يغنّي , وبجانه كلب ويتمتّعا معا بجمال ذلك الصباح . بالطبع وكالعادة جاء الإسكندرمع حاشيته ووزرائه وجنرلاته وعرّفوا عن الإسكندر وكأنّهم يدخلوا إلى قصرا ما " الإسكندر الكبير هنا " .
نظر ديوجين إلى كلبه وضحك . لم يفهم الإسكندر لماذا نظر ديوجين إلى الكلب . فسأل الإسكندر لماذا فعل ديوجين ذلك ؟ فأجابه ديوجين : " إنني أنظر إليه لأنّه الوحيد الذي سيفهم . هؤلاء الحمقى الذين جلبتهم معك لن يفهموا أبدا . هذا الكلب حكيم جدا . أولا إنّه لا يتكلّم ,ومن شدّة حكمته , إنّه لا ينطق بأيّ كلمة , ويحفظ كلّ شيء سرا . إنّه الوحيد الذي يفهم بأن أيّ إنسان يعلن بأنّه عظيما , لا يمكن أن يكون كذلك . لا يحتاج الإنسان أن يعلن عن عظمته , فهي موجودة أو غير موجودة .
تفاجأ الإسكندر من الإستقبال الذي أستقبل به , لكنّه مازال متأثرا بهذا الرجل _ لقد كان في غاية الفرح . عندها قال الإسكندر : " إنني أشعر بقليل من الغيرة . إذا سألني الله ماذا تريد أن تكون في حياتك الثانية يا إسكندر , سأطلب منه أن أكون ديوجين " .
نظر ديوجين مجددا إلى كلبه . ويقال أنّ الكلب إبتسم . لم يصدّق الإسكندر ما كان يحدث , وما كان يرشح . فسأل : "ما معنى ما يحدث الآن ؟ "
فأجاب ديوجين : " إنّه من التفاهة أن ينتظر الإنسان الحياة الثانية . فأنا وصديقي , أي الكلب ,نعيش كلّ لحظة بلحظة , وأنت تأمل بالحياة الأخرى . إذا كنت تغير فعلا من ديوجين , من يمنعك أن تكون مثله ؟ هل يمنعك الله ؟ إخلع هذه الألبسة وأأمر هؤلاء الناس السخفاء أن يرحلوا . والضفّة هنا واسعة بما فيه الكفاية , نستطيع أن نتشاطر بها . هذا هو بيتنا . أولا كان يعيش الكلب لوحده هنا , ثمّ أصبحت جزءا من هذا المكان . يمكنك أن تكون أيضا جزء منه . ليس لدينا شيء آخر . لذلك لا يحصل خلاف أو منافسة بيننا .
لا بدّ أنّها من أعظم اللحظات في التاريخ . فقط التفكير بما قيل ... قال الإسكندر متلعثما : " أنا سعيد جدا لرؤيتك , لقد رأيت شخصا يستحق فعلا رؤيته . هل أستطيع أن أخدمك بشىء ؟
فأجابه ديوجين " أرجو أن تتحرّك قليلا إلى اليسار , لأنّك تعيق وصول أشعة الشمس إلينا . نحن لسنا بحاجة إلى شيء , لأننا لا نريد شيء " .