بسم الله الرحمن الرحيم
المريد والفأر
يحكى أنّ سيّدنا عبد الخالق الغجدواني قدّس الله سرّه طلب من أحد مريديه أن يقوم بخلوة لمدّة أربعين يوما , وقال له " أخبرني إذا حصل شيء غريب " . لقد كانوا كلّ يوم لا يقدّموا أكثر من صحن من العدس للمريد ليأكله , لأنّه كلّما قلّل الإنسان من أكله أصبح أكثر صحوة ويصعب عليه النوم . أمّا إذا أكل الإنسان كثيرا فإنّه ينام دون أن يشعر بذلك . في أحد الأيّام وخلال قيامه بالخلوة جاء المريد إلى الشيخ قائلا " اليوم حدث شيء مريب . لقد تكلّم إليّ فأر بلغة عربية بليغة . "
سأله الشيخ عبد الخالق الغجدواني " أخبرني بالتفصيل ماذا حدث " .
فقال المريد " يا سيّدي , عندما أرسلت لي الطعام بدأت الأكل لكن عندما جاء وقت الصلاة وضعت الأكل جانبا لأصلّي . عندها جاء هذا الفأر من الثقب الموجود في الحائط وكنت في ذلك الوقت أصلّي وأنظر إلى ما يحصل . أردت أن أنهي الصلاة بسرعة لأنّه كان يأكل طعامي . وما أن أنهيت الصلاة ركضت إلى الطعام فهرب الفأر إلى ثقبه . فعمدت إلى إغلاق الثقب بورقة . ثمّ عدت ثانية للصلاة فإذا به يدفع بالورقة ويخرج من ثقبه ويتوجه نحو الطعام . أكملت الصلاة بسرعة وركلت الفأر برجلي . هرب الفأر إلى ثقبه وأخرج رأسه قائلا بعربية فصيحة " أيّها الغبي لو لم يكن مكتوب إسمي على هذا الطعام لما كان بوسعي مسّه . " آه يا سيّدي هذا أغرب شيء يحدث لي ."
إبتسم الشيخ عبد الخالق الغجدواني وقال " لقد رسبت يا ولدي في إمتحانك . فأماناتك كانت ستسلّم لك لكنك أغلقت الطريق عليها ."
فقال المريد متعجبا " لكنني لم أفعل شيء . "
فأجابه الشيخ " يا ولدي , هل تعتقد أنّ الفأر بإستطاعته تكلّم العربية . ليس عليك رؤية الفأر بل عليك رؤية من هو وراء الفأر . لقد قلت لك إنّك فعلت شيئا خطأ وأنا أعني ما أقوله .كان عليك أن تدع الفأر يأكل من الأكل لأنّه مكتوب له ذلك .كنت على إستعداد لأعطيك أماناتك لكنّ الأولياء منعوني من فعل ذلك قائلين لي " إنّه لم يجهز بعد . فهو لم يستطع أن يرى شيخه في هذا الفأر . "