بسم الله الرحمن الرحيم
الساحر وخرافه
يحدّثنا غوردجييف , وهو صوفي من القوقاز, بأنّه سمع عن ساحر كبير كان يروّض العديد من الغنم . فكان يقتل كلّ يوم غنمة لتحضير طعامه . عند الذبح كان يقف المئات من الغنم ,دون أن يخطر ببال أيّ منهم إنّه إن لم يقتل اليوم فإنّ دوره سيكون غدا .
كان يقيم عند هذا الساحر ضيف فسأله : " هؤلاء الخراف عجيبين . إنّك تقتل كلّ يوم خاروف على مرأى من جميع الخراف ولا يرتعد أيّ منهم لهذا المنظر . ألآ يتوقعوا قتلهم في اليوم التالي ؟ أو ألايفكّروا أنّ هذا الخنجر ممكن أن يطال أعناقهم يوما ما ؟
فأجابه الساحر : " لقد نوّمتهم مغناطيسيا . وقلت لكلّ واحد منهم بأنّه ليس بخاروف , وأنّ الباقي هم خراف , وبأنّ الجميع سيقتل إلاّ هو . لذلك فهم سعيدين ولا يهربوا عندما يروا الآخرين يقتلوا ."
فسأله الضيف : " والغريب أنّك لا تربطهم . ألا يضلّوا الطريق ؟
فأجابه الساحر : " لقد قلت لهم أيضا بأنّهم أحرار وغير مقيّدين . فالإنسان يسعى للهرب من القيود , لكنّه إذا أحسّ بأنّه حرا فلن يفعل ذلك .
كان غوردجييف يعلّق على هذه القصّة قائلا : " إنّ حال الإنسان كهؤلاء الخراف . فهو يعتبر سجنه كالقصر . لذلك لا يخطر بباله أن يهرب منه . وإذا حاول أحدهم أن يساعده للخروج من هذا القصر فإنّه يدافع عن نفسه بكلّ ما أوتي من قوّة للبقاء في قصره . الإنسان يتعامل مع قيوده كالحلى , إنّهم كالديكور له . وإذا حاولت أن تأخذ هذه الحلى منه فإنّه يقف مسلول السيف في وجهك . "
|