شمس الشموس
  الحطّاب وأنكر ونكير
 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحطّاب وأنكر ونكير

يستطيع العديد من الناس رؤية ملكا الموت وسماعهما وهذه القصّة تثبت ذلك . في يوم من الأيّام توفي رجل غني , وأراد إبنه أن يكرّمه بطريقة مميزة . فأذاع في المدينة ما يلي : " سأعطي كيس من الذهب لكلّ من يبقى لليلة واحدة مع والدي في قبره .  تبرّع حطّاب فقير للقيام بذلك لأنّ لديه عائلة كبيرة لإطعامها وقال  : "سأقوم بذلك لأنّ هذا المبلغ سيساعدني في تغطية نفقات أولادي  . "  تتبّع الحطّاب الجنازة إلى أن دفنوا الرجل وتركوه في قبر يشبه الغرفة . قرّر الحطّاب أن يقضي الليلة في حالة تأمّل.

بدأ  يسمع الحطّاب أصوات في الليل تتكلّم بلغات مختلفة بعض منها مألوف والآخر غير مألوف . زعر الرجل من الأصوات وأراد الهرب لكن الباب مقفل ولا يمكن فتحه إلاّ من الخارج وفي الصباح الباكر . أخذ الحطّاب الحبل الذي كان يستعمله في عمله وقطع بعض القطع منه ووضعها في أذنيه حتّى لا يسمع الأصوات ؟. لكن محاولته باءت بالفشل ,  فالأصوات أصبحت أكثر علوا . غاص قلبه وإرتعد جسده بأكمله مما سمعه . ثمّ بدأ يسمع خطوات أقدام آتية من خلف .

كلّما إقتربت الخطوات لاحظ بأنّها لم تكن واحدة بل وكأنّ المئات من الرجال يقتربوا منه . أغمض عينيه من شدّة الخوف حتّى لا يرى شيئا . شعر وكأن أحدهم يلامس كتفه وسمع أحدهم يناديه بإسمه . تعجب من هوية هذا الشخص الذي دخل إلى القبر المقفل ويناديه الآن بإسمه . حاول أن يفتح عينيه لكن خوفه كان كبير جدا . ثم هزّه أحدهم ففتح عينيه وإلتفت إلى الوراء . فرأى نورا ساطعا كنور الشمس في القبر ورأى ملاكين يجلسان على عرش يحملهما المئات من الملائكة آخذيهما  إلى الجسد الميّت ليبدآ الأستجواب . في هذه اللحظة تذكّر كلّ خطأ صغير أو كبير إرتكبه في حياته . ولكن شعر بالإرتياح لأنّ الملائكة آتين لإستجواب الجسد الميت ولم يأتوا من أجله .

خلال هذا المشهد المحزن سمع أحد الملائكة يقول للآخر : " هنا يوجد جسد ميّت لكن هناك يوجد  أيضا إنسان على قيد الحياة . لدينا وقت لإستجواب الأوّل , لكن ليس لدينا الوقت الكافي للآخر  . ممكن أن يغادر هذا الحيّ ولا يمكننا إستجوابه . الميّت ممكن أن نستجوبه لاحقا . عرف الحطّاب أنّه لا مهرب من الملاكين وعليه التسليم للله . فقالا له : " يا فلان ( مناديان بإسمه ) إقترب " . لم يود الحطّاب الإقتراب منهما لكن لا مفرّ من ذلك . فقالا له  : " لن نسألك عن ما فعلت في الماضي لكنّنا سنسألك عن أعمالك الآن . ماذا تحمل من متاع الدنيا الآن ؟ " فتّشوه فلم يجدوا لديه سوى فأس وحبل , الأدوات التي يستعملها الحطّاب . فقالا له  " أخبرنا كيف حصلت على هاتين القطعتين ؟ وكيف حصلت على المال الذي إشتريتهما  بواسطته ؟ هل حصلت عليهم بطرق شرعية بعرق جبينك أو بطرق أخرى ؟ "

إحتاج الرجل من المساء حتّى الصباح للإجابة على سؤاليّ الملاكين البسيطين وليجعلهما مكتفيين بجوابه والسؤالين هما : كيف حصل على الفأس؟ وكيف حصل على الحبل؟ . في الصباح الباكر سمع الرجل خطوات تقترب من القبر فعرف بأنّها خطوات إبن الرجل الميت الآتي لإخراجه من القبر . صرخ الحطّاب مستغيثا يطلب حرّيته والتي كانت أهمّ من كلّ شيء في الدنيا . ركض الرجل مسرعا بينما كان إبن الرجل الميّت يقول له : " خذ المال " . أجاب الحطّاب بينما كان يهرب مسرعا : " من أجل فأس واحد وحبل وأحد إستمرّ الملاكين في إستجوابي حتّى الصباح . فإذا أخذت هذا الكيس من المال ممكن أن يستمر إستجوابهما لي إلى ما لا نهاية . إحتفظ بالذهب وبأموالك . أريد أن أقضي بقيّة حياتي في حبّ الله ".    

 
  3100429 visitors