إنتقل النور لآدم عليه السلام
بعد أن كوّن الله عزّ وجلّ آدم عليه السلام أوقفه الله جلّ جلاله أمام الملائكة الذين بهروا بجماله . ثمّ أمره الله عزّ وجلّ أن يخبر الملائكة بأسمائهم وأسماء باقي المخلوقات . أعجب الملائكة بحكمة آدم عليه السلام , وأمر الله عزّ وجلّ سكّان السماء أن يسجدوا لآدم عليه السلام فسجدوا جميعا للنور المحمّدي المتدفّق من جبين آدم عليه السلام .
سجد الجميع عدا مخلوق واحدا يدعى إبليس . فمن شدّة غيرته علّل رفضه السجود لآدم عليه السلام لأنّه مخلوق صنع من طين وهو مصنوع من نار . بسبب معصيته لربّه طرده الله جلّ جلاله من السماء , فتعهّد إبليس أن يحطّم آدم عليه السلام وأولاده , وأن يوسوس لهم , ويغريهم ليعصوا ربّهم ليثبت لربّه بأنّه كان محقّا بعدم سجوده لآدم عليه السلام المجبول من طين . سمح الله جلّ جلاله بذلك ليختبر آدم عليه السلام . فهذا جزء من خطّة الله عزّ وجلّ . فالنور لا يمكن تقديره إلاّ إذا جاء بعد خسارته , عندها فقط تتحوّل العتمة إلى نور . إبليس هو العتمة التي ندعوها الشيطان أو إبليس .
وضع الله آدم عليه السلام في حدائق الجنّة وعاش هناك لمدّة طويلة يتعبّد ربّه بسلام وسعادة . شعر آدم عليه السلام بالوحدة فطلب من الله جلّ جلاله أن يكون له رفيق . وبينما كان آدم عليه السلام نائما أخذ الله ضلعا من صدره وصنع منه إمرأة جميلة . عندما إستفاق آدم عليه السلام عرفها مباشرة فالله عزّ وجلّ علّمه جميع الأسماء . عرف آدم عليه السلام بأنّها زوجته حوّاء رضي الله عنها . تزوّج آدم عليه السلام وحوّاء رضي الله عنها في الحديقة وعاشا بسعادة مع بعضهما البعض . أعطاهما الله جلّ جلاله الحديقة بأكملها ما عدا شجرة القمح التي طلب منهما أن لا يلمساها .
شعر إبليس بأنّ فرصته قد أتت . فوقف على باب الجنّة يبكي إلى أن جاء الديك وسأله عن السبب . أخبره إبليس عن الموت الذي يواجه كلّ مخلوق , وبأنّ الدواء الوحيد لذلك هو الأكل من الشجرة التي منع الأكل منها , أي شجرة القمح . أخبر الديك الحيّة والتي بدورها أخبرت حوّاء رضي الله عنها بذلك . خوفا من الموت أكلت حوّاء رضي الله عنها من الشجرة وأقنعت آدم عليه السلام للأكل منها أيضا .
وهكذا إقترفا عملا مشينا , وأصبحا في غاية الأسف لما فعلاه . طلب الزوجان السماح من الله عزّ وجلّ لكن الوقت لم يكن مناسبا فطردهما الله عزّ وجلّ كما طرد إبليس من الجنّة . ومنذ ذلك الوقت لا يستطيعا العيش إلاّ على الأرض . نزل آدم عليه السلام على جبل في سيرلنكا ونزلت حوّاء رضي الله عنها في صحراء في جزيرة العرب . ملأت الوحدة والحزن قلب كلّ منهما , وإجتهدا في طلب المغفرة من الله عزّ وجلّ , وبدأ كلّ منهما يفتّش عن الآخر .
كانت هذه إرادة الله عزّ وجلّ . لقد جعل الله عزّ وجلّ من آدم عليه السلام حارسا على الأرض , شيء لم يستطع فعله عندما كان يعيش في الجنّة . ولكن الله عزّ وجلّ وبرحمته الواسعة أعطى هذا الحزن لآدم عليه السلام وحوّاء رضي الله عنها وإلى جميع أولادهما من بعدهما . ففي داخل كلّ منّا فراغ وتوق , لا يمكن تسميته , إلى السلام والأمان الموجودين في الجنّة . وهدية الفراق التي أعطاها الله عزّ وجلّ للبشر هي أولا , الحنين المؤلم للوطن (للجنّة), الذي كان يحميه من إغراءات الشيطان وثانيا ,عدم الشعور بأنّه فعلا في بيته , في أيّ مكان ما , إلاّ إذا كان قريبا من الله .
وبعد عدّة سنين من البكاء وطلب السماح من الله عزّ وجلّ , سامح الله جلّ جلاله آدم عليه السلام وحوّاء رضي الله عنها , فوجد آدم عليه السلام حوّاء رضي الله عنها وبقي معها في جزيرة العرب .
رزق آدم عليه السلام وحوّاء رضي الله عنها الأولاد . كان جميع أولادهم الأوائل مولودين كتوأم صبي وبنت , وكان مفروض عليهم أن يتزوّج التوائم من التوائم الآخرين وأن يكوّنوا عائلات , لأنّه لم يكن موجود غيرهم على الأرض .
لكن كان أحد الصبية , قابيل , يغار من أخيه هابيل عليه السلام . بسبب وسوسة الشيطان أراد أن يأخذ زوجة أخيه , وأكثر ما كان يريد الحصول عليه هذا النور الذي يشعّ من جبهة أخيه . فقرّر القضاء على أخيه هابيل عليه السلام . ضرب قابيل أخاه هابيل عليه السلام بصخرة ووقف مذهولا من هول المنظر . لم يكن هناك موت أو عنف من قبل . شعر قابيل بالحزن الشديد من فعلته . حمل قابيل جسد أخيه الميّت وإنتقل به من مكان لآخر دون أن يعرف ما يفعل به . أخيرا , جاء الغراب وبسبب شعوره بالأسى على قابيل علّمه أن يحفر الأرض ليدفن أخاه هناك . لكن لم يستطع قابيل أن يدفن حزنه هناك . ترك قابيل أهله وهام وعائلته في العالم يفتّش عن السلام في جميع الأماكن الخاطئة .
حزن آدم عليه السلام وزوجته حوّاء رضي الله عنها بسبب خسارة إبنيهما ولكن حزنهما الأساسي كان لخسارتهما النور المحمّدي , وصلّا لله عزّ وجلّ أن يمنحهما ولد صالح ليحمل هذا النور .
لقد كانت خلفتهما توائم ما عدا ولد واحد ا, ولد وحيدا , المختار من الله عزّ وجلّ ليحلّ مكان هابيل عليه السلام . كان الولد صالحا ومطيعا بما فيه الكفاية ليحمل النور الثمين إلى المستقبل .
فليبارك الله بآدم عليه السلام وليمنحه السلام .