بسم الله الرحمن الرحيم
في البدء
قبل أن يخلق الله جلّ جلاله أيّ شيء كوّن نور نبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم . لم يكن هناك أيّ شيء موجود في ذلك الوقت , لا الجنّة ولا النار , لا النجوم أوالأرض , لا الشمس أو القمر , لا الملاك أو الإنسان . لم يكن هناك سوى هذا النور .
ثم أراد الله جلّ وعلى أن يتكوّن الكون عبر كلمة "كن " , فخلق الكون خلال ستة أيّام كما نعرفه الآن , وخلق أشياء لم نعرفها بعد . وضع الله جلّ جلاله جزء من نور النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم في جميع الخلق . فالسماء كان لها حصّة من هذا النور والملائكة حصلوا على حصّة أيضا . الأرض , الشجر , الحيوانات , النبات والأحجار كلّ كان له حصّته من هذا النور المبارك .
بعدها وضع الله عزّ وجلّ النور المتبقّي في مصباح مصنوع من الزمرّد الأخضر وعلّقه على شجرة المعرفة الموجودة في حديقة الجنّة .
ثمّ توقّف الله عزّ وجلّ ليستمع . فسمع الكون يهتز حبا لله عزّ وجلّ الذي خلقه . وعرف الله عزّ وجلّ أنّه بحاجة إلى حارس ليحرس ذلك العالم الثمين ومخلوقاته .
أمر الله عزّ وجلّ الملاك عزرائيل عليه السلام أن يجلب له وحل من على سطح الأرض . أطاع الملاك أمر الله عزّ وجلّ وجمع من كلّ زاوية على سطح الأرض القليل من الوحل . جلب عزرائيل عليه السلام وحل أحمر , وحل بنّي , وحل أسود , وحل أبيض , وحل أصفر ووحل برتقالي ووضعهم جميعا أمام خالقه الله ذو الجلالة . أضاف الله عزّ وجلّ إلى الوحل المؤلّف من عدّة ألوان القليل من ماء ينابيع الجنّة , فأصبح الوحل طينا . من هذا الطين كوّن الله الشكل الجميل للنبي آدم عليه السلام .
وضع الله عزّ وجلّ من نفسه في هذا الشكل الميّت فأصبح ليّنا وحيّا . ثمّ وضع على جبين آدم عليه السلام جزء من نور النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم , وأعطى الله عزّ وجلّ آدم عليه السلام هدية ألا وهي معرفة أسماء جميع المخلوقات .
نظر آدم عليه السلام ورأى هذا النور يجري أمامه مثل المصباح فسأل خالقه عنه . أخبره الله عزّ وجلّ أنّ هذا النور أعطي له كأمانة , وأنّ عليه أن يعتني به ويحترمه لأنّ هذا النور سيمرّ منه إلى أولاده ومنهم إلى أولادهم . وأوصاه الله عزّ وجلّ أن يحرس هذا النور الثمين , وأن يبقيه نقيا ومشرقا عن طريق البقاء بتناغم مع إرادة الله . وإذا فعل آدم عليه السلام ذلك ينتقل النور من أهل أنقياء لأولاد أنقياء , من أهل لطفاء لأولاد لطفاء , ومن أهل مستقيمين لأولاد مستقيمين . وهكذا ينتقل النور من جيل إلى آخر إلى أن يصل إلى هدفه , جبهة الروح النقية للرسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم .
أيّها الأحبّاء كلّ منّا يحمل هذا النور في داخله , وهذا النور الموجود في داخلنا ورثناه من جدّنا العظيم آدم عليه السلام . لكن هذا النور لا يشعّ إلاّ من جبهة الرسل وأصحابهم الأولياء ليكونوا منارة تضيء الظلمة من حولهم .
فدون النور لا يوجد سوى ظلمة كالحة . وواجبنا أن نفتّش بإستمرار عن هذا النور من أمامنا , من وراءنا , في داخلنا وخارجنا , وعلينا أن نحميه ونقدّره إلى آخر الزمان .
وهكذا نكون قد قصصنا عليكم قصّة النور .
والآن تعالوا معنا نتتبّع رحلة النور عبر الأجيال من قلب لقلب ومن جبهة لجبهة , من زمن تكوين النبي آدم عليه السلام إلى مولد خاتم الأنبياء النبي محمّد المصطفى صلّى الله عليه وسلّم .