شمس الشموس
  ذو الكفل عليه السلام
 

بسم الله الرحمن الرحيم

إنتقل النور إلى ذو الكفل عليه السلام

إنّ أحد الأولاد الذين ولدوا لأيّوب عليه السلام ورحمة رضي الله عنها كان بشر عليه السلام ,الذي كان يشعّ من جبهته النور المحمّدي . كان شابا جميلا ذو طبع سهل . سميّ ذو الكفل لأنّ شعره  كان طويلا ولديه فرق في الوسط  .

بعد موت والده أيّوب عليه السلام كان جميع الناس في القدسية والمدن المجاورة منها مؤمنين بالله عزّ وجلّ , وهذا ما جعل الإرتياح يشعّ من وجوههم .

شعر الملك في المدينة المجاورة بالحسد . فقد كان يراوده بإستمرار الإعتقاد بأنّ سبب إرتياح شعب أيّوب عليه السلام هو الثروات التي لا تعد . لذا قرّر أن يغزو القدسية مع جيشه وأن يجعل سكّانها عبيدا له وأن يسرق ثرواتهم .

 أنذر ذو الكفل عليه السلام بالهجمة المدبّرة لهم فإختبأ وإخوته في الهضاب  وتربّصوا لجنود الملك وأسروهم . دعا ذو الكفل عليه السلام الجيش أن يؤمنوا بالله وأن يعيشوا معهم بسلام لكنّهم لم يفهموا كيف يتسنّى لهم أن يؤمنوا بإله دون رؤيته .

غضب الملك الغيّور من خسارة جيشه , وقرّر أن يستعمل طريقة أكثر حذاقة ليدمّر أعدائه . لذا خطّط أن يفسد الشباب فأرسل إليهم تجّار  ليغري الشباب بالثياب الجميلة والأشياء التي لا فائدة منها . ثمّ شيئا فشيئا  أدخل التجّار الشرب والرقص والقمار والخلاعة في حياة الشباب  وبالتالي زرعوا البذور المسمّة لهدم السعادة عند المؤمنين .

نمت هذه البزور في قلب الشباب وشعروا بالعار لما يفعلوه فإضطرّوا للكذب على أهاليهم . هجروا الجوامع والصلاة بسبب خجلهم من الله عزّ وجلّ , فشربوا وقامروا وسرقوا للحصول على المال , مما أدّى إلى المشاحنات والقتل . مع الوقت ساءت أخلاقهم , وضعف إيمانهم , ولم يعد يؤمّ الجوامع سوى المسنّين .

حاول ذو الكفل عليه السلام أن يتكلّم مع الشباب لكنّهم كانوا مملوؤين بشرب الكحول ولم يعودوا يستطيعوا أن يفهموا شيئا . وهذا ما زاد من غضبهم فحاولوا حلّ المشكلة عن طريق قتل كل من يذكّرهم بالماضي . إندلعت الحرب وكانت الحرب فظيعة , فالولد كان يحارب أباه , والبنت أمّها . لكن مع بزوخ الفجر كان المسنين قد ربحوا الحرب , لأنّ الشباب كانوا سكارى وفقدوا الشجاعة لمتابعة الحرب .

هرب الشباب إلى الملك الذين إعتقدوا أنّه حليفهم , فقرّر أن يغزوا المدينة  مرّة أخرى .

تلقّى ذو الكفل عليه السلام أمر من الله عزّ وجلّ أن يذهب بالمؤمنين إلى دمشق . لم يتجرّء سوى أربعين رجل الذهاب معه وترك بيوتهم وممتلكاتهم والهجرة إلى أرض جديدة لا يملكون فيها شيئا .

في طريقهم إلى دمشق إلتقوا برسول بعثه أخو ذي الكفل عليه السلام , يلحّ عليهم بالعودة إلى المدينة لأنّ الملك الجائر عدل عن غزو المدينة . بسبب حنينهم إلى الوطن , ترك المؤمنون نبيهم ذو الكفل عليه السلام في منتصف الطريق وعادوا إلى ديارهم .

تتبّع ذو الكفل  عليه السلام المؤمنين سرا ليرى ما سيحدث . لسؤ حظّهم غزا الملك الجائر المدينة وهدمها وأخذ أبناءها عبيدا وباعهم في سوق العبيد . عندها ذهب ذو الكفل عليه السلام لوحده إلى دمشق حيث تزوّج هناك ورزق بكثير من الأولاد . في يوم من الأيّام رأى قافلة تقلّ عبيدا تمرّ بالقرب من بيته . كان الحرّاس يضربوا العبيد دون رحمة ويجوّعوهم لدرجة الموت . عندما رأى ذو الكفل عليه السلام ذلك إشترى العبيد محبّة لله تعالى . بعد إطعامه للعبيد تعافوا ولاحظوا بأنّه نبيهم الذين تركوه بعد إتبّاعهم للملك العاتي . وهكذا رجع العبيد لإيمانهم وسكنوا بجانب نبيّهم وإتّبعوا ما يقوله  .

ساورت حاكم دمشق الشكوك بذي الكفل وأمره أن يترك دمشق . رحل ذو الكفل عليه السلام وحيدا دون أن يدع أحد يرافقه . وبمعية الله عزّ وجلّ سافر ذو الكفل عليه السلام إلى عديد من البلاد حيث أخبرهم عن وجود الله عزّ وجلّ وعلّمهم كيفية العيش بسلام وسعادة . في رحلته تعرّف على كثير من البشر فمنهم من كان يسكن في ثقوب تحت الأرض ومنهم من يسكن في بيوت من جليد . لكن بالرغم من كلّ جهوده لم يستمع إليه الكثير من البشر .

أخيرا سمح الله عزّ وجلّ لذي الكفل عليه السلام أن يعود إلى عائلته في دمشق . فرحت عائلته برؤيته وإبتهج  ذوالكفل عليه السلام عندما وجد الناس الذين آمنوا برسالته مازالوا متمسكّين بإيمانهم .

بقي ذو الكفل عليه السلام في دمشق وأكمل تعليمه للناس إلى أن توفي عن عمر يناهز الخامسة والسبعبين من العمر . توفي ذوالكفل عليه السلام دون أن يترك ولدا يحمل النور المحمّدي على جبهته  .

فليبارك الله ذو الكفل عليه السلام وليمنحه السلام .  
 
  3100712 visitors