بسم الله الرحمن الرحيم
إنتقل النور إلى زكريا عليه السلام
بعد أن أعيد بناء المعبد في القدس عمّ السلام لفترة طويلة في إسرائيل . كان من عادة الناس المؤمنين في ذلك الوقت أن يكرّسوا أحد أبنائهم ليربّى على يد الكهنة . فكانوا يبعثوا بالطفل في عمر الخامسة إلى المعبد ليعيش وليربّى هناك . وبهذه الطريقة ينشأ الولد طاهرا لا علم له بالظلمة التي في الخارج ثمّ يتزوّج ويخدم المعبد بقية حياته .
كان ذكريا عليه السلام أحد الكهنة الذين يخدموا المعبد وينحدر من سلالة سليمان عليه السلام . وكان مسنا عندما أخبره الملاك بأنّ الله عزّ وجلّ قد إختاره ليكون نبيا . تزوج ذكريا عليه السلام وإبن عمّه عمران عليه السلام أختين . كانت هنّا رضي الله عنها زوجة عمران عليه السلام ولديها العديد من الأولاد . وكانت إليزابت رضي الله عنها زوجة زكريا عليه السلام ولم ترزق بأولاد . عندما أدركت هنّا رضي الله عنها بأنّها سترزق بمولود جديد قرّرت أن تكرّسه للمعبد , لكنّها رزقت بفتاة . أخبر الله عزّ وجلّ زكريا عليه السلام بأنّ هذه الفتاة مميّزة , وعلى أمّها أن تسمّيها مريم رضي الله عنها , وأن تكرّسها للمعبد مع أنّ هكذا شيء لم يحصل من قبل .
فعلت هنّا رضي الله عنها ما أمرت به , وأصبح ذكريا عمّ مريم رضي الله عنها حارسها ومعلّمها . فكان يحميها كما يحمي الأب إبنته إلى أن بلغت سن ّالزواج . في أحد الأيام الباردة دخل زكريا عليه السلام على مريم رضي الله عنها فوجد عندها فاكهة صيفية .تعجّب زكريا عليه السلام من الأمر لأنّه لا يمكنها الحصول على فاكهة كهذه بطريقة طبيعية في هذا الوقت . بعد عدّة أيّام من مشاهدة هذه المعجزة أتى زكريا عليه السلام إلهام في قلبه . ففكّر بينه وبين نفسه " إّذا كان بإستطاعة الله عزّ وجلّ أن يرسل فاكهة صيفية لمريم رضي الله عنها في الشتاء فإنّه بإستطاعته أن يرسل له ولدا في شتاء العمر " .
ذهب زكريا عليه السلام إلى بيته وبدأ بالصلاة . فطلب من الله عزّ وجلّ أن يرزقه ولدا يرث النبوّة منه . أخبر جبريل عليه السلام زكريا عليه السلام بأنّه سيرزق بطفل وعليه أن يسمّوه يحي يعني " هو يعيش " وسيكون هذا الولد طاهرا , ومبارك من الله عزّ وجلّ .
بعد تسعة أشهر أصيب الناس بالدهشة لرؤية إليزابيت عليها السلام ترزق بولد صبي . فقد رؤا النور يشع من جبهته كالمنارة في الليل المظلم . أعطي يحى عليه السلام الحكمة وهو لم يزل طفلا صغيرا .فقد كان يخشى الله عزّ وجلّ ويطيع أهله . قال الله عزّ وجلّ في كتابه الكريم " وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا " ( مريم , 15 )
عاش زكريا عليه السلام عمرا طويلا إستطاع من خلاله أن يرى إبنه يحى عليه السلام رجلا ناضجا , وأن يشهد بنفسه إخبار الملائكة له بأنّ إبنه قد إختاره الله عزّ وجلّ ليكون نبيا .
فليبارك الله عزّ وجل بزكريا وليمنحه السلام .