بسم الله الرحمن الرحيم
إنتقل النور إلى هارون عليه السلام
منذ ولادته حمل هارون عليه السلام النور المحمّدي ولكن لم يعهد إليه المسؤولية لقيادة شعب ما . لقد كلّف بالأمر أخاه موسى عليه السلام ولم يحصل هارون عليه السلام بشرف النبوّة إلاّ بعد ما طلب موسى عليه السلام من الله عزّ وجلّ ذلك . لقد أكمل الأخوين بعضهم البعض . بينما كان موسى عليه السلام كالشعلة الملتهبة , كان هارون عليه السلام كالماء الهادئة العميقة . وبينما كان موسى عليه السلام يتصرّف بجسارة , كان هارون عليه السلام يتكلّم من حلاوة داخلية . لذا تحدّر كهنة بنو إسرائيل من سلالة هارون عليه السلام .
ذهب الأخوان إلى فرعون لإقناعه بأنّه هناك إلاه واحد, خلق الكون ويحكم في كلّ مكان بعدل . رغم رفض فرعون السماع لهما , لم ييأس الأخوان وحاولا لعدّة سنين إقناعه لكن دون جدوى . لقد زاده ذلك عندا وكبرياء . في المقابل إستمع الكثير من الناس لهما .
طلب فرعون من حكماء مملكته أن يتباروا مع موسى عليه السلام ليروا من سحره أفضل من الآخر . رمى الحكماء عصيانهم على الأرض فتحوّلوا إلى ثعابين تفحّ وتزحف متّجهة نحو موسى عليه السلام . طلب موسى عليه السلام المساعدة من الله عزّ وجلّ ورمى عصاه على الأرض التي ورثها من آدم عليه السلام . تحوّلت العصا إلى تنين كبير وإبتلعت الحيّات مباشرة . فسحر الإنسان لا يمكن مقارنته بسحر الله عزّ وجلّ . فهم الحكماء مباشرة ما حصل وآمنوا بربّ موسى عليه السلام .
عذّب فرعون الحكماء وقتلهم لتمسكهم بإيمانهم . وعندما عرف فرعون بإيمان زوجته آسيا رضي الله عنها عذّبها وقتلها أيضا .
حذّر موسى عليه السلام فرعون من غضب الله عزّ وجلّ إذا لم يسمح للمؤمنين بالخروج من مصر . لم يسمع فرعون لطلب موسى عليه السلام , عندها إستعمل موسى عليه السلام عصاه وحوّل ماء النيل إلى دم . لم يستطع شعب مصر أن يشربوا أو يستعملوا ماء النيل لأيّ حاجة لمدّة ثمانية أيّام . بالرغم من ذلك لم يؤمن فرعون . ثمّ جاءت سحابة من الجراد وأكلت المحصول بأكمله مما أدّى إلى مرض الحيوانات وموتهم . ثمّ جاءت عواصف بردية أدّت إلى مجاعة ومرض كثير . بالرغم من ذلك فإنّ فرعون وشعبه إستمرّوا في إستكبارهم وعدم إيمانهم .
أخيرا أرسل الله عزّ وجلّ ملاك الموت . طلب موسى عليه السلام من المؤمنين أن يدهنوا أبواب بيوتهم بدم خاروف يضحّوا به لله عزّ وجلّ . فكلّ بيت لم يطلى بذلك يدخله ملاك الموت ويأخذ أكبر الصبية منه . عمّ الموت في مصر سواء في الأكواخ أو في القصور . بينما كان المصريين ملههين بأحزانهم وبدفن موتاهم خرج موسى عليه السلام وهارون عليه السلام بالمؤمنين من مصر . سارع فرعون وجيشه اللحاق بهم فوقع المؤمنين في مصيدة , فالبحر من أمامهم وجيش فرعون من وراءهم . أمر الله عزّ وجلّ موسى عليه السلام أن يضرب بعصاه البحر فإنشقّ البحر وأصبح هناك طريقا للمؤمنين للهروب في البحر . تبع المؤمنون نبيهم وعبروا البحر نحو الحرّية . عندما حاول فرعون وجنوده أن يتبّعوا موسى عليه السلام أغلق البحر عليهم وغرقوا جميعا .
أصبح المؤمنين أحرارا لكن دون مأوى . فقد خيّموا في الصحارى بينما كان موسى عليه السلام في إتصال مستمر مع ربّه . كان موسى عليه السلام يتسلّق الجبل قرب الشجيرة المشتعلة التي تكلّم عندها لأوّل مرّة مع الله عزّ وجل . وكان الله عزّ وجلّ يتكلّم معه كصديق حبيب لكنّ موسى عليه السلام كان يودّ أن يراه بأمّ عينه . أخيرا قبل الله عزّ وجلّ تحقيق مطلبه قائلا له أنّه سيظهر نفسه للجبل . عندما أصاب أول شعاع نور من الله عزّ وجلّ الجبل إنشطر الجبل إلى سبعة أقسام وتحوّل إلى ركام . بقي من هذا الجبل ثلاثة حجارة الذين سيكونوا فيما بعد ذو منفعة لنبي آخر , داوود عليه السلام . ومنذ ذلك الوقت وضع موسى عليه السلام حجابا على وجهه بسبب النور الساطع منه . فكلّ من حاول النظر إلى وجهه أصيب بالعمى .
أعطي موسى عليه السلام كتابا يدعى التوراة . هذا الكتاب نحت من قبل الملائكة على ألواح حجرية . لقد أوصت الألواح الناس أن يعبدوا الله عزّ وجلّ وأن يشكروه وأن يحترموا أهلهم . وأوصتهم أن لا يسرقوا أو يقتلوا أو يرتكبوا الزنا , وأن يعاملوا الناس جميعا كما يحبّوا أن يعاملوا وأن يضحّوا بالحيوانات بسرعة ورحمة وذلك فقط من أجل الطعام وبإسم الله . وعليهم أن يجعلوا في الأسبوع يوم للراحة لا يقوموا بأيّ عمل به .
بينما كان موسى عليه السلام يتكلّم مع الله على الجبل إستمرّ أخاه هارون عليه السلام في قيادة الناس إلى الصلوات في الوادي . لكن موسى عليه السلام غاب عن شعبه مدّة طويلة ,. فشعروا بالوحدة . فقد الشعب صبره بسبب عدم فهمه لأشياء كثيرة ونسوا المعجزات التي أظهرها الله لهم لتحريرهم ففتّشوا عن شيء يستطيعوا أن يروه ويلمسوه . ألهمهم الشيطان أن يبنوا تمثال لبقرة من ذهب .فبدأ الناس بعبادتها . فالبقرة كانت تذكّرهم بالحليب والوفرة التي كانوا ينعموا فيه في مصر . حاول هارون عليه السلام أن يقنعهم بالعدول عن ذلك لكن دون جدوى . لذا أخذ خفنة من المؤمنين معه وإنتقل إلى مكان آخر ليسكنوا فيه .
عندما عاد موسى عليه السلام والتوراة بيده ورأى ما فعل الناس إشتعل غضبا فرمى الألواح على الأرض فعادت عديد من الآيات إلى السماء , أمّا ما تبقّى منها فكان مكسورا . شعر الناس بالأسى عندما رؤوا غضب نبيّهم فحطّموا البقرة الذهبية وطلبوا المغفرة من الله عزّ وجلّ .
غفر الله عزّ وجلّ لهم ووعدهم بأرض تخصّهم . عندما وصل بني إسرائيل إلى تلك الأرض وجدوا أنّه يوجد فيها شعب فذّ, متمرّس على القتال . بالرغم من أنّ الله عزّ وجلّ أمرهم بالقيام بغزو الأرض بمؤازرة نبيهم لكن الخوف كان يتملّكهم ورفضوا أن يقاتلوا هذا الشعب . فلم يتجرّؤا من دخول هذه الأرض .
وجزاء لهم ولضعف إيمانهم جعلهم الله يتوهوا في الصحراء . فكانوا ينطلقوا كلّ صباح ليفتّشوا عن مكان للسكن فيه لكنّهم كانوا يجدوا أنفسهم قد عادوا أدراجهم إلى المكان نفسه الذي إنطلقوا منه . جعل الله عزّ وجلّ بني إسرائيل يدوروا حول نفسهم لأربعين سنة حتّى وفات أنبيائهم موسى عليه السلام وهارون عليه السلام .لم يبقى من الناس الذين رافقوا الرسل أحياء سوى رجلين .
فليبارك الله بموسى عليه السلام وهارون عليه السلام وليمنحهما السلام .