بسم الله الرحمن الرحيم
إنتقل النور إلى يحيا عليه السلام
كان يحيا عليه السلام طفلا جادا لدرجة أنّه كان يفضّل رفقة الرجال القدّيسين في الصحراء بدلا من اللعب مع الأولاد من عمره . فكان يصلّي ويبكي بإستمرار ويفكّر بعظمة الله عزّ وجلّ ويقارنها بنقصه . وبسبب بكائه المستمر كانت وجنتاه مطبوعتان بالدموع .
لم يكن يتجرأ ذكريا عليه السلام التكّلم عن جهنّم أو عذابها أمام يحيا عليه السلام . في يوم من الأيّام وبينما كان ذكريا عليه السلام يعتقد بأنّ يحيا عليه السلام ليس موجودا تحدّث في المعبد عن العذاب في جهنّم . سمع يحيا عليه السلام ما قاله والده فهرب إلى الغابة ينتحب بعنف . فتّش عنه والداه لعدّة أيّام إلى أن وجداه جائعا وهزيلا . أراد يحيا عليه السلام أن يتركه أهله وحيدا ليتسنّى له الإستغفار والصلاة لله عزّ وجلّ , لكنّه عاد معهم حتّى لا يغضبهم ونام في تلك الليلة حتّى طلوع الشمس . عندما إستفاق ذعر يحيا عليه السلام وبكى بشدّة لدرجة أنّ الملائكة في السماوات بكوا لبكائه . حتّى الشيطان شعر بالأسف لأنّه لم يوقظ يحيا عليه السلام , مع أنّ الشيطان في الأحوال العادية يشعر بالغبطة عندما لا يستفيق أحدهم على صلاة الفجر .
بكّى يحيا عليه السلام إلى أن وعده الله عزّ وجلّ بأنّه لن يدخل النار , عندها فقط شعربالسرور والأمل . ثمّ دعا الله عزّ وجلّ أن يعطيه الفرصة ليختبر جمال ولطف خالقه وليشكره طوال حياته . كانت مهمّة يحيا عليه السلام أن يعلن قدوم نبيّ آخر الزمان وأن يكون شاهدا على النبي القادم إبن عمّه عيسى عليه السلام . لم يتزوّج يحيا عليه السلام ولم يكوّن عائلة . فكان يجيب البلاد ويخبّر الناس عن وجود الخالق وينبّه الناس من مغبة عصيانهم لله عزّ وجلّ. فهو لم يكن يخشى أحدا سوى الله عزّ وجلّ لذا كان يقول الحقيقة كما هي مما كان يخيف الناس . فالإنسان الذي يفعل أشياء مشينة لا يودّ أن يواجهه بها أحد . وأخيرا أثارت صراحته المفرطة حفيظة ملك القدس الذي أمر جنوده أن يقطعوا عنق يحيا عليه السلام وأن يجلبوا رأسه على صينية .
بسبب موته الفظيع يقال أنّه في نهاية الوقت سيمنح يحيا عليه السلام سكينا ويؤمر من الله عزّ وجلّ أن يقطع عنق الموت نفسه . وهكذا لن يعد هناك أيّ وجود للموت .
فليبارك الله بيحيا عليه السلام وليمنحه السلام .