بسم الله الرحمن الرحيم
إنتقل النور إلى موسى عليه السلام
إستمرّ أبناء يعقوب عليه السلام العيش حياة مزدهرة في مصر لمدّة طويلة . لكن مع الوقت نسى المصريون شيئا فشيئا ربّ يوسف عليه السلام وعادوا إلى عبادة الآلهة المزيّفة لدرجة أنّ فرعون ,ملك مصر , بدأ يعبد كإله . وهكذا بدأ أبناء يعقوب عليه السلام يعاملوا معاملة سيئة لأنّهم إستمرّوا بعبادة إله لا يرى .
بالرغم من عبادته كإله كان فرعون ملك عادل , وقائد محب لشعبه إلى أن عرف في أحد الأيّام , ومن خلال منام حلم به , بأنّه سيستولي على مملكته أحد الصبية الذين سيولدوا في مملكته . فأصبح يخاف من أيّ إنسان يحاول الإعتراض عليه وخاصة العبيد الذين سيستفيدوا من موته , ومن بني إسرائيل الذين لم يؤمنوا به كإله . لذا قرّر أن يقتل جميع صبية بني إسرائيل حتّى لا يؤذوه فيما بعد .
كانت أحد أحفاد يعقوب عليه السلام يوهابيث رضي الله عنها تعيش على الضفّة العليا من نهرالنيل في المنطقة الموجود فيها قصر فرعون على النيل . وكانت إبنتها مريم رضي الله عنها تعمل عند الملكة آسيا رضي الله عنها . كان عند يوهابيث رضي الله عنها طفل صبي يدعى موسى عليه السلام , وكان النور المحمّدي يشع من رأسه كالنجمة المشعّة . ألهمها الله عزّ وجلّ أن تضع إبنها موسى عليه السلام في علبة من خشب تشبه السفينة وترميها في النيل لتخلّص إبنها من كيد فرعون . بالرغم من خوفها على إبنها , إتّبعت يوهابيث رضي الله عنها ما ألهمها الله عزّ وجلّ , الذي وعدها بعودة إبنها لها سالما إذا ما صبرت .
جرت العلبة الخشبية حسب مجرى النهر إلى مكان كانت تستحمّ فيه الملكة وخدّامها . عندما رؤا العلبة سبحوا إليها فوجدوا الطفل في داخلها . أحبّته آسيا رضي الله عنها وأخذته معها إلى القصر . تبنّى آسيا رضي الله عنها وفرعون الولد وعهدا بتربيته إلى مريم رضي الله عنها ,غير مدركين بأنّها أخته, التي جلبته بدورها إلى أمّها لإرضاعه . وهكذا تحقّق وعد الله عزّ وجلّ , وكبر موسى عليه السلام تحت رعاية أمّه .
كان لدى يوهابيث رضي الله عنها أولاد آخرين من بينهم هارون عليه السلام . تربّى موسى عليه السلام بين عائلة محبّة . بالرغم من إنّه تربّى كإبن ملك لكنّه كان يعرف بطريقة أو بأخرى إنّه إبن العبيد والأنبياء .
في أحد الأيّام رأى موسى عليه السلام أحد جنود فرعون يضرب أحد عبيد بني إسرائيل ضربا مبرحا . غضب موسى عليه السلام بسبب الظلم الذي رآه ورفع يده ليوقف الجندي عن فعلته فتوفي مباشرة دون أن يمسّه موسى عليه السلام . كان موسى عليه السلام شابا ولا يعرف مدى قواه الروحية الذي منحه إيّاها الله عزّ وجلّ . فهو لم يكن ينوي أن يقتل الجندي, لكنه كان يريد أن يردعه عن قتل الرجل .
كان على موسى عليه السلام أن يهرب من مصرلأنّ فرعون كان يقتل أيّ إنسان يقتل أحد جنوده . وهكذا ترك موسى عليه السلام أهله وهرب إلى الجزيرة العربية .
هرب موسى عليه السلام في الليل إلى أن وصل إلى مدين وإرتاح قرب بئر هناك . في الصباح الباكر جاء الرعاة ليسقوا غنمهم من البئر . لاحظ موسى عليه السلام بأنّه كان هناك فتاتان خجولتان لم يقتربا من البئر لأنّهما لم يشآ الإختلاط بالرجال . تقدّم موسى عليه السلام إليهما وعرض عليهما أن يجلب الماء لهما من البئر . شكر الفتاتان موسى عليه السلام وذهبا إلى والدهما شعيب عليه السلام ليخبراه بلطف هذا الرجل .
رأى شعيب عليه السلام النور المحمّدي يشع من جبهة موسى عليه السلام فعرض عليه الزواج من إبنته الكبرى زيبورا رضي الله عنها والعمل عنده برعي الأغنام . قبل موسى عليه السلام بذلك وأصبح صهر شعيب عليه السلام .
عهد إلى شعيب عليه السلام من الله عزّ وجلّ بعصا تعود إلى النبي الأوّل آدم عليه السلام . أعطاها شعيب عليه السلام إلى موسى عليه السلام . كانت العصا مصنوعة من شجرة من الجنّة لديها قوى خاصة بها .
عاش موسى عليه السلام عدّة سنوات مع شعيب عليه السلام . في يوم من الأيّام إستأذنه موسى عليه السلام للذهاب بعائلته إلى مصر لرؤية والدته . ترك موسى عليه السلام مدين وقطع نهر النيل متوجها إلى مصر . لقد كان فصل الشتاء , وكانت الصحراء باردة ولم يكن لديهم مأوى . بعد عدّة ليالي فقدت العائلة الصغيرة النار بسبب الرياح العاتية التي كانت تهبّ عليهم . رأى موسى عليه السلام نارا تشتعل من بعيد فذهب إليها عّله يجلب بعض الفحم لعائلته وليستخبر عن أحوال مصر .
عندما إقترب موسى عليه السلام من النار رأى منظرا غريبا . فقد رأى شجيرة تشتعل نارا لكن النار لا تمس هذه الشجيرة . سمع موسى عليه السلام صوتا آتيا من قلب الشجرة المملؤة بالنور . لقد كان الله عزّ وجلّ يكلّم موسى عليه السلام . بقي موسى عليه السلام يتكلّم لثلاثة أيّام مع الله عزّ وجلّ في هذا المكان المقدّس . أمر الله عزّ وجلّ موسى عليه السلام أن يذهب إلى مصر ليقود المؤمنين إلى الحرية وليبنوا بلدا مستقلا لهم . شعر موسى عليه السلام نفسه صغيرا جدا لعمل كهذا وطلب من الله عزّ وجلّ أن يجعل من أخاه هارون عليه السلام نبيا ليساعده . قبل الله عز ّوجلّ طلب موسى عليه السلام , ولتكون هذه المرّة الأولى في التاريخ التي يشارك فيها أخوة في النبّوة .
فليبارك الله عزّ وجلّ بموسى عليه السلام وليمنحه السلام .