بسم الله الرحمن الرحيم
إنتقل النور إلى الياس عليه السلام
بعد موت سليمان عليه السلام أصبح إبنه ريهوبوم ملكا. لكنّه لم يكن نبيا كأبيه لذا رفضت قبائل بني إسرائيل المتمرّدة الإنصياع لحكمه . ترك عشرة قبائل من بني إسرائيل المجموعة وعيّنوا ملكا جديدا لهم . وهكذا إنقسمت إسرائيل إلى جزئين الشمال والجنوب . حكم ريهوبوم في قصره في القدس على مرأى من معبد سليمان الذي يحتوي على تابوت العهد . أمّا في الجنوب فبدؤا بعبادة الأصنام ثانية وبإتّباع رغباتهم . دام النزاع بين الشمال والجنوب سبعة وخمسون سنة إلى أن حكم يوهوسافات إبن ريهوبوم الشمال وأهاب الجنوب .
في أحد الأيّام بينما كان الملك أهاب يصطاد إلتقى برجل يشعّ من جبهته النور المحمّدي . سأله أهاب عن إسمه فأجاب بأنّه الياس عليه السلام من سلالة هارون عليه السلام . كان الياس عليه السلام وأهاب شابان في الخامسة والعشرين من العمر . أصبح الرجلين أصدقاء وأخبره الياس عليه السلام عن أجدادهم أنبياء بني إسرائيل . أخذ الرجلين يصلّوا مع بعضهم البعض وأصبح أهاب يستشار الياس عليه السلام إلى أن قرّر مع الوقت تغيير إتجاهه في الحياة وتغيير إتجّاه مملكته .
أبرم أهاب معاهدة سلام مع يوهوسافات وإتّحدت مملكة بني إسرائيل وعاشوا بأمان. بدأ الناس يحبّوا إلياس عليه السلام وأخذوا الإستماع له . وبينما كانت الأمور تبدو بأنّها تتحسن , أصيب الشيطان بالغيرة ورأى الضعف عند الملك أهاب فجعله يقع بحبّ أميرة تعبد الصنام . لم تكن جيزابيل جميلة فقط بل كانت أيضا قاسية القلب وتحب نفسها لدرجة أنّها كانت تريد أن تعبد . فوعدت أهاب بالزواج منه إذا بنى صنما لها ودعا الناس لعبادته .
كان أهاب مجنونا بحبّها ففعل ما طلبته منه . لم يستطع أهاب أن يلتقي بصديقه الياس عليه السلام ورفض الإجتماع به لمدّة قصيرة إلى أن أعلن عن خطّته في بناء أصنام لبني إسرائيل لعبادتها . عرف الياس عليه السلام أنّه لا جدوى من مناقشة صديقه فترك القصر وذهب أدراجه .
أمر أهاب قومه أن يعبدوا إله عظيم جسده جسد البقرة ووجهه وجه إمرأة جميلة (جيزابيل) . وحجّته كانت أنّ البقرة تمثّل الأرض وأنّ المرأة مصدر قوّة الحياة . أعجبت الفكرة شعبه وبدؤا ببناء إله لهم يدعى بعل .
تزوّج أهاب من جيزابيل الذي طلبت منه أن يضحّي بأقرب الناس إليه إلى الآلهة الجديدة . إستغرب أهاب أن يسمع ذلك من فتاة في الخامسة عشر من العمر لكنّه فعل ما طلبت منه . وجدت جيزابيل بأنّ هناك أربعماءة كاهن مازالوا يستمعوا إلى الياس عليه السلام فطلبت من أهاب أن يقتلهم , فقتل الجميع وأصبح المعبد يعوم بالدماء .
أخذ الياس عليه السلام ينتقل من مدينة لأخرى يعلّمهم أصول الدين , إستمع البعض له والبعض الآخر بدؤا بتهديده . عانى الياس عليه السلام الكثير من المتاعب إلى أن قرّر الذهاب إلى الجبال والإعتكاف بكهف . ألهمه الله عزّ وجل ّأن يقول للناس بأنّ الملكة سترزق بطفل مريض وسوف يموت لأنّه لا يوجد طاقة حياة لدى الملكة أو لدى إلاهها .
حصل ما تنبّأ به الياس عليه السلام . فقد مرض الطفل وأصبح الياس عليه السلام تحت لعنة الملكة لدرجة أنّ الملك أهاب بعث بجنوده ليقتلوا الياس عليه السلام لإعتقاده بأنّه لعن الطفل . قرّرت الملكة أن تقتل جميع أطفال بني إسرائيل ليستحم الآلهة بعل بدمهم حتّى يطيب إبنها . نفّذ الأمر لكنّ طفلها لم يتحسّن . عرف أهاب أنّ الوحيد الذي يملك القوّة الحقيقية هو الياس عليه السلام لأنّها تأتي من مصدر القوّة الحقيقي للحياة , الله عزّ وجلّ . لكنّ الله عزّ وجلّ لم يسمح لإلياس عليه السلام أن يشفي الطفل فتوفي الطفل .
إستمرّ الياس عليه السلام في تعليم الناس متأملا من الناس أن يكفّوا عن عبادة بعل . لكن ّ الناس لم يكفّوا عن عبادة بعل وعن التفكيير في قتل ألياس عليه السلام . حذّر إلياس عليه السلام الناس من غضب الله عزّ وجلّ , لكنّ الناس لم يستمعوا له فأصابهم عذاب أليم . إنقطع المطر عنهم ,وماتت الحيوانات , وذبل الزرع , وجاع الناس , بالرغم من ذلك إستمرّوا في عبادة بعل .
بقي الياس عليه السلام في الجنوب يتنقّل من بلدة لأخرى. أعطاه الله عزّ وجلّ القدرة على إخراج الخبز الطازج مباشرة عند الطلب . فكلّ من تبعه حصل على الخبز الطازج . وهكذا فإنّ الناس كانوا يعرفوا مكان وجود الياس عليه السلام من رائحة الخبز الذي كان ينتشر في الهواء . حتّى بعد هذه المعجزة إستمرّ الناس بعبادة بعل . في هذا الوقت أمر أهاب جنوده أن يقتلوا الناس الذين يفحّ من بيوتهم رائحة الخبز . وهكذا رفض الناس أن يستقبلوا الياس عليه السلام حتّى لو كانوا يتضوّروا جوعا .
أمر الله عزّ وجلّ الياس عليه السلام أن ينتقل إلى مدينة على شاطئ البحر وليبحث عن إمرأة أرملة عجوز . هذه المرأة وزوجها كانا من سلالة يوسف عليه السلام . عندما كان الزوجان في التسعين من عمرهما طلبا من الله عزّ وجلّ أن يرزقهما بطفل لرغبتهما أن لا يمحى عبادة الله الواحد الأحد في المكان اللذان يعيشان فيه . إستجاب الله عزّ وجلّ لدعائهما ورزقهما بطفل يدعى أليسع عليه السلام , ومعنى هذا الإسم " الهدف هو إرضاء الله " . بعد أربع سنوات توفي الأب وبقيت الأم وحيدة مع الطفل . وجد الياس عليه السلام المرأة وعندما رأت النور يشعّ من جبهته دعته إلى بيتها . رأى الياس عليه السلام اليسع عليه السلام على الشرفة يتفرّج على الدلفين وهو يسبح في البحر .
بقي الياس عليه السلام لمدّة شهرين في بيت المرأة العجوز . في يوم من الأيّام مرض اليسع عليه السلام لدرجة أنّهما إعتقدا أنّه مات . دعا الياس عليه السلام الله عزّ وجلّ أن يشفي اليسع عليه السلام وأن يكون من عباده المميزين . تنفّس اليسع عليه السلام وجلس وكأنّه لم يحدث شيء .
أمر الله عزّ وجلّ الياس عليه السلام أن يعود إلى الملك أهاب الذي لم تمطر السماء في بلاده لأربع سنوات . عقد الياس عليه السلام معاهدة مع الملك أهاب ودعاه أن يصلّي لبعل من أجل المطر . فإذا أمطرت يخرج الياس عليه السلام من البلاد . وإذا لم تمطر فإنّ الياس عليه السلام سيصلّي لله عزّ وجلّ من أجل المطر وإذا أمطرت على أهاب أن يدمّر أصنامه . صلّى كهنة أهاب , لكن لم يحدث شيئا . صلّى الياس عليه السلام فغدقت الأمطار وعاد الخضار إلى البلاد . لكن لم يحافظ أهاب على وعده .
عرف الياس عليه السلام أنّ عقاب الله عزّ وجلّ آت وحذّر الناس والملك والملكة . لكنّهم تغاضوه . بكى الياس عليه السلام لأنّه أحسّ بأنّه خاب ظن الله به . وهكذا مضت سبعة عشرعاما عانى فيها الناس من الحروب والمجاعات والأمراض والكوارث الطبيعية . قتل أهاب وجيزيل على يد عصبة من الناس لم تعد تتحمّل وضع البلاد , ورميت جثثهم للكلاب . أمر الله عزّ وجل الياس عليه السلام أن يفتّش عن اليسع عليه السلام . إعتكف الرجلين في كهف وعلّم الياس عليه السلام اليسع عليه السلام كلّ ما يعرفه .
فليبارك الله عزّ وجلّ بإلياس عليه السلام وليمنحه السلام .